(أنور المختاري/النهار المغربية)
“التهافت الدولي على التعاون الأمني وتعزيزه مع المغرب ليس من عبث ولا وليد اليوم. وليس من باب الصدف أن تسابق الزمن بعض دول الجوار وغيرها من الدول الصديقة والشريكة من شرق الكرة الأرضية إلى غربها إلى هذا التعاون النوعي وتعزيزه مع المغرب لولا المكانة الدولية الرفيعة التي يحظى بها الأمن الوطني في مواجهته للعديد من التحديات في العالم الجديد الموسوم بالرقمنة التي اجتاحته وجعلت الجريمة المنظمة في حاجة إلى أمن فعّال يساير كل التطورات.
الاتفاقية الجديدة التي وقعها قبل يومين المغرب بطلب من العربية السعودية في قطاع الأمن وتتعلق بمكافحة الإرهاب وتمويله، إضافة نوعية إلى اتفاقيات للمغرب مع دول أخرى من أوروبا وأمريكا وغيرها، ودليل ساطع على أن جهاز الأمن المغربي مرجع لا بد منه في تدبير الأمن العام والاستقرار أولا، وفي مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي العابر للقارات وتمويله ثانيا.
كل الدول الساعية إلى إبرام اتفاقات ثنائية مع المغرب في المجال الأمني والاستخباراتي وتعزيزها، لم تخطئ العنوان، لأنها تدرك أن النجاعة الأمنية للمغرب أصبحت مكتسبة عبر مراحل، منذ تولي عبد اللطيف حموشي المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وفي نفس الوقت المديرية العامة للأمن الوطني.
ففيما كانت أهم مراحل هذه النجاعة تنبني على مقاربة تقريب الأمن الوطني من المواطن تقريب لم يكن له ليتحقق من دون العناية التامة والاهتمام برجل الأمن بمختلف الدرجات وتمتيعه بكامل الحقوق بما فيها الترقيات الأوتوماتيكية، لجعله في وضعية سليمة ومحترمة في المجتمع، قبل وضعه في مواجهة صريحة ضد الجريمة والإجرام باسم الواجب الوطني، كانت مرحلة على درجة من الأهمية قد فرضت نفسها.
هذه مرحلة الاستثمار الجيد لمحاربة الإرهاب، الظاهرة التي تفشت دوليا بقوة، مع مطلع القرن الحادي والعشرين بالضربات الإرهابية لـ 11 شتنبر 2001 في عمق أمريكا، دون أن يسلم من شراستها المغرب بضربات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء، توالت معها ضربات أخرى بالدار البيضاء ومراكش وغيرها كادت فداحة خسائرها أن تكون كبيرة لولا اليقظة القوية لجهاز الأمن المغربي ورجاله، خصوصا عندما طورت التنظيمات الإرهابية من العمل الجماعي إلى العمل الأحادي بشعار الذئاب المنفردة.
وكانت هذه المرحلة الأكثر نضجا للأمن الوطني المغربي ومخابراته التي اعتمدت الوقاية الشمولية عبر الخطط الاستباقية لرصد كل العمليات المتوقعة وإحباطها في مهدها بدول إقامة الإرهابيين، ما أعطى للمغرب والمخابرات المغربية قوة أمنية مكنته من الاطلاع الفوري على الارتباطات الإرهابية الخارجية ومساعدة عدد من الدول على رصد الإرهاب والإرهابيين كان من ثمارها تتويج الأمن الوطني ومديره بأوسمة دولية من قادة أوروبا وأمريكا اعترافا بالاستحقاق ومبادرات الدول سعيا إلى اتفاقيات أمنية مع المغرب.
هذه الاتفاقيات جعلت الحضور الأمني المغربي لافتا على المستوة الدولي، آخره الاستفادة منه في حماية وأمن مونديال 2022 بقطر، علما أن الأمن المغربي كان سباقا في حماية رؤساء العديد من الدول ومصالحها.
نتائج كل هذا إيجابية، تصب في صالح العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية للمغرب مع الدول، لأن الأمن يجذب الاستثمار ويفتح افاق العلاقات الدولية، وأفاق المغرب من هذه العلاقات جاءت في فترة سيادة الأمن المغربي التي هي سيادة الاستقرار الجاذب للاستثمارات الدولية النوعية وفوق ذلك يمنح الاستقرار المغرب قوة جعلته رقما صعبا في أي معادلة على المستوى الدولي، بل رقما ضروريا جاء نتيجة حصافة رأي رجل اسمه عبد اللطيف حموشي استطاع تنفيذ إرادة ملك في جعل المغرب قوة فاعلة في المنتظم الدولي على مستوى الأمن والاستقرار بمكافحة الجريمة ومحاربة الإرهاب.
إذا كان من شيء يمكن تسجيله خلال سنوات حموشي للأمن الوطني والمخابرات هو كون الرجل أقر نموذجا جديدا للدبلوماسية الأمنية التي أصبحت ركيزة أساسية للتعاون الدولي وعنصرا فعالا لجلب الاستثمار والتنمية المتنوعة.”