بعد تشديد قبضته الأمنية على الحراك الشعبي.. النظام الجزائري يتسبب في تصاعد كبير لوتيرة الاعتقالات والقمع

أكورا بريس- وكالات

أفضت القبضة الأمنية الشديدة التي تفرضها السلطات الجزائرية خلال الأسابيع الأخيرة تجاه احتجاجات الحراك الشعبي إلى العديد من المؤشرات حول واقع المشهد السياسي في البلاد ومستقبله، ففيما يجري توجيه الأحداث لأن تأخذ طابعا جهويا متطرفا في منطقة القبائل، كَيّف ناشطو الحراك وضعهم مع المستجدات بالاستمرار في الاحتجاج بعيدا عن مواقع قوات الأمن المحتشدة بالعاصمة والمدن الكبرى للبلاد ومساراتها.

وحوّل ناشطو الحراك الشعبي احتجاجاتهم السياسية المناوئة للسلطة بعيدا عن مواقع الانتشار الكثيف لقوات الأمن بالعاصمة ومساراته، فنظموا مسيرات “الجمعة 119”  في ضواح وشوارع بعيدة عن وسط العاصمة، حيث سار المئات في عين البنيان والحراش وأعالي العاصمة وبعض أزقة وسط العاصمة، لأول مرة منذ انطلاق الحراك الشعبي.

وجاء هذا التحوّل في تنظيم المظاهرات الأسبوعية في خطوة لتلافي الانتشار الكثيف لقوات الأمن في الشوارع والساحات التاريخية للحراك الشعبي، حيث نقلت صور وتسجيلات على شبكات التواصل الاجتماعي لونا أزرق اكتسح العاصمة بسبب الانتشار الكثيف لعناصر الأمن ومركباتهم.

واستطاع التكتيك الجديد في مسار الحراك الجزائري تكريس الطابع السلمي للاحتجاجات رغم مساعي دوائر رسمية إثبات اختراقه من طرف جهات إرهابية وانفصالية عبر الترويج لتفكيك الأمن لشبكات تابعة لحركتي استقلال القبائل “ماك” و”رشاد ” في محافظتي وهران وتيسمسيلت.

وجاء اختيار مسارات ومواقع أخرى لتنظيم المسيرات الأسبوعية في العاصمة وعدد من مدن البلاد كرسالة من ناشطي الحراك على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم، وتفادي المواجهة مع قوات الأمن، مقابل إبراز الوجه القمعي للسلطة، عبر صور وتسجيلات أظهرت العاصمة الجزائرية وكأنها في حالة طوارئ قصوى.

وتحصي تنسيقية الدفاع عن معتقلي الرأي منذ دخول الإجراءات المتشددة للسلطات الجزائرية، حيز التنفيذ خلال الأسابيع الأخيرة تصاعدا كبيرا لوتيرة الاعتقالات والقمع، حيث تم توقيف وسجن أكثر من 180 ناشطا من الجنسين ومن مختلف الأعمار.

أما الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان فتحدثت في منشور لها عن توقيف أكثر من ألفي متظاهر أودع نحو مئة منهم الحبس الاحتياطي وصدرت مذكرات توقيف بحق ستين آخرين منذ أن قرّرت وزارة الداخلية حظر تجمعات الحراك.

وشرعت سلطات محافظة العاصمة في تطبيق إجراءات استثنائية حيث أصدرت قرارات بتسخير قوات الأمن للحفاظ على الأمن والاستقرار في العاصمة في الفترة الممتدة من منتصف شهر مايو إلى غاية دخول فترة الصمت الانتخابي أياما قبل موعد الانتخابات النيابية المبكرة.

ويطبق حكام الجزائر إجراءات أمنية متفاوتة بين مختلف مدن البلاد وجهاتها منذ عودة الاحتجاجات السياسية في شهر فبراير الماضي. ففيما كان الوضع يتسم بنوع من المرونة في وسط البلاد كانت الإجراءات جد مشددة في غرب البلاد وشرقها أين تم تسجيل ممارسات قمعية لافتة في حق المتظاهرين والناشطين، بحسب شهود عيان.

وتتجه سلطات النظام الجزائري في الأسابيع الأخيرة إلى المزيد من التضييق وحصر المظاهرات الأسبوعية، فبعد إجهاض مسيرات الطلبة والمواطنين بالعاصمة، يجري قمع مظاهرات الجمعة بشكل غير مسبوق، مما أفضى إلى تناقص واضح في أعداد المحتجين خلال الجمعة 118، قبل أن يتفطن الناشطون إلى تكتيك تغيير المسارات والتوقيت.

ومنذ دخول تنظيمي “ماك” و”رشاد”، كخطرين يهددان أمن البلاد واستقرارها، عبر اختراق الحراك الشعبي، يجري تشديد الخناق على الاحتجاجات لاسيما مع الترويج لتفكيك خلايا إرهابية وانفصالية تسعى لبث الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد.

وتظاهر عشرات الآلاف في الجمعة 119 في كل من تيزي وزو وبجاية بمنطقة القبائل، حيث تم تكرار نفس المطالب والشعارات المعروفة للحراك الشعبي، دون تسجيل أيّ تضييق أو توقيفات في صفوف المحتجين، مما يبرز المعاملة المرنة التي تطبقها الحكومة على سكان منطقة القبائل.

غير أن مراقبين في الجزائر يرون أن المعاملة المتفاوتة للسلط الأمنية في التعاطي مع احتجاجات الحراك بين مدن البلاد وجهاتها ينطوي على نوايا حصره في المنطقة المذكورة، وإضفاء الطابع الجهوي عليه، من أجل أن يفقد طابعه الشامل لربوع البلاد واختصاره في مدن القبائل المعروفة بمناوأتها للحكومة منذ عقود.

Read Previous

تقرير فرنسي يشيد باستقرار  المغرب السياسي ونموه الاقتصادي ويؤكد أن النموذج التنموي الجديد فكرة ملكية ستحارب التفاوتات الاجتماعية

Read Next

في تصعيد جديد ضد المغرب.. إسبانيا ترفض دعوة أمريكية للمشاركة في مناورات الأسد الأفريقي وتبرر ذلك ب”أسباب مالية”