ففي الوقت الذي وصفت فيه فرق الأغلبية هذه الفرضيات والتوقعات ( نسبة النمو، مستوى العجز في الميزانية، نسبة التضخم) بالواقعية بالنظر للسياق “الاستثنائي” الذي تم فيه اعداد مشروع قانون المالية، ذهبت فرق المعارضة الى أنها أضحت “متجاوزة” وتفتقد “للمصداقية والطموح”.
وفي هذا السياق اعتبر فريق العدالة والتنمية أن النسب المستهدفة من خلال مشروع قانون المالية ل2017 والمتمثلة في فرضيات معدل نمو للناتج الداخلي الخام بنسبة 4,5 بالمائة، وتقليص عجز الميزانية في حدود 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وحصر نسبة التضخم في حدود 7,1 بالمائة “تعد نسبا واقعية في ظل الظروف الاقتصادية المحيطة بالبلد”، مثمنا مسعى تحقيقها في أفق دعم التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني وتحفيز سبل الاستثمار مع تبني خيارات ترشيد النفقات ودعم الفئات الضعيفة .
وسجل الفريق أن مشروع قانون المالية يعد انطلاقة متجددة في إطار من الاستمرارية مشيدا برغبة الحكومة في تطوير النموذج الاقتصادي للمغرب والتي يحركها طموح الدخول الى نادي الدول الصاعدة.
وأكد أن هذا الأمر يحتم مواجهة العديد من التحديات أبرزها تحقيق معادلة نمو مرتفعة تمكن من امتصاص البطالة وتحدث تحسنا نوعيا وعادلا في مستوى عيش السكان مسجلا أن النموذج التنموي المأمول يمكن أن يتم عبر أربع مرتكزات أوردها الحزب في برنامجه الانتخابي وتتعلق بتوطيد الانتقال الى مصادر جديدة للنمو وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتثمين الثروة البشرية، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية، وتعزيز الحكامة الجيدة.
وبدوره أكد الفريق الحركي أنه بعيدا عن الجدل حول الفرضيات التي ارتكز عليها مشروع القانون المالي فإن مصداقية هذه التوقعات تقاس بمدى انعكاسها على الحياة اليومية للمواطنين، وبأثرها الاقتصادي والاجتماعي، وقدرتها على خلق دينامية اقتصادية تنعش المقاولة الوطنية، وتمكن من توسيع قاعدة التشغيل.
ونوه الفريق بعزم الحكومة على مواصلة تفعيل المحركات الأساسية للإقتصاد الوطني، والمتمثلة في الاستثمار في البنيات التحتية والأشغال العمومية، والمهن العالمية، ودعم المخططات القطاعية الاستراتيجية.
من جهته، ثمن فريق التجمع الوطني للأحرار تفاعل الحكومة الإيجابي مع تعديلات البرلمان بمجلسيه، حيث تم إدخال أكثر من 84 تعديلا من أصل أزيد من390 تعديل مقترح من طرف كافة الفرق والمجموعات البرلمانية أغلبية ومعارضة، مبرزا أن التعديلات همت على الخصوص ملاءمة النفقات مع الهندسة الحكومية الجديدة .
وأكد الفريق أن مشروع قانون المالية جاء من أجل بلورة رؤية جلالة الملك السديدة والرامية إلى الارتقاء بالمملكة إلى مصاف الدول الصاعدة عبر صون كرامة المواطن وجعله في صلب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي باشرها المغرب بكل ثقة.
وقلل الفريق من شأن الآثار الناجمة عن تأخر المصادقة على المشروع قانون والتي تمت إثارتها من قبل بعض الاطراف ، معتبرا أنها “مبالغ فيها، وتفتقد إلى الموضوعية، ولا تستند إلى أي معيار علمي دقيق”، مسجلا في المقابل أن الحكومة قامت خلال هذه الفترة الفاصلة، باعتماد مختلف الإجراءات القانونية والتنظيمية المنصوص عليها في مثل هذه الحالات، وعملت على توفير كافة الإمكانيات المادية لكي تواصل مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية عملها بشكل عادي.
أما الفريق الاشتراكي فشدد على أن الحزب سعى بروح إيجابية وبحس وطني على تسريع دراسة مشروع القانون المالي ومحاولة تجويد نصه وذلك من أجل تدارك كل تأخر في ما يتعلق بالجوانب المرتبطة بنفقات الاستثمار وبالتوظيفات.
وسجل أن العديد من المعطيات والأرقام والتقديرات الواردة في مشروع القانون في حاجة فعلية للتحيين بناء على معطيات الواقع الحالي وأهمها معطيات الموسم الفلاحي وكذلك الهيكلة الجديدة للحكومة التي ستنعكس بالضرورة على الميزانيات القطاعية.
في المقابل، أكد الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية (معارضة) ان المشروع “يفتقد لوضوح الرؤية وبعيد كل البعد عن عن تطلعات الشعب المغربي، ودون مستوى اللحظة الفارقة التي تعيشها البلاد” معتبرا أن الفرضيات والتوقعات التي تضمنها “ستبقى ،مهما بلغت، أرقاما بدون عمق تنموي ما دامت الحكومة غير قادرة على إيجاد حلول حقيقية للاختلالات المطروحة، وما دامت بدون وقع ايجابي على جيوب المواطنين وعلى معيشتهم وعلى تنافسية المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا”.
ويرى الفريق أن “ما يزيد من عدم واقعية هذه الفرضيات، الطريقة التقليدانية التي لا زالت الحكومة تعتمدها في إعداد المشروع، والتي تعمل على تغييب دور البرلمان كهيئة رقابية تشريعية في المشاركة الحقيقية والفعلية في المراحل الأولى لإعداد الفرضيات والتوقعات”.
وانتقد الفريق الاستقلالي “تقاعس الحكومة عن تكييف وملائمة الاطار العام للمشروع وتوجهاته مع المتغيرات والتحولات الاقليمية والدولية” معتبرا ان ذلك ينطوي على خرق للمادة 10 من القانون التنظيمي لقانون المالية، والتي تنص على أن قوانين المالية تقدم بشكل صادق مجموع موارد و تكاليف الدولة.
ووجدت المواقف المعبر عنها من قبل الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية صدى أقوى في مداخلة فريق الاصالة والمعاصرة الذي انتقد بشدة ارتكان الحكومة الى الحلول السهلة “إذ لم تكلف نفسها عناء تقديم قانون مالي جديد، واكتفت بقانون الحكومة السابقة “.
وذهب الفريق الى التشكيك في صدقية مشروع القانون المالي والتي تتجلى من وجهة نظره، في “احتفاظه بفرضيات وتوقعات تم وضعها قبل سنة، وعرفت تغييرات متعددة إلا أن مشروع قانون المالية ما يزال ينبني عليها”.
على صعيد آخر، نوه الفريق الى أنه كان سباقا الى الدعوة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي الوطني قبل عدة سنوات “غير أن هذه الدعوة لم تجد آذانا صاغية، وهو الأمر الذي يدل على غياب وضعف الثقافة الديمقراطية لدى الحكومة الحالية والسابقة”.
وبدوره، وجه فريق الاتحاد المغربي للشغل انتقادته للمشروع مشيرا الى أنه “لم تحكمه رؤية توجيهية تؤطر الاستراتيجيات العمومية بأهداف محددة في الزمن” مسجلا أن هذه الرؤية وإن حضرت في بعض الاستراتيجيات والبرامج القطاعية “لكنها تبدو دون تناغم والتقائية بينها وأحيانا داخل نفس القطاع”.
كما يعكس مشروع القانون المالي، وفقا للفريق،تناقضات وعدم انسجام البرنامج الحكومي ويغيب المقاربة الاجتماعية ويضيع الاولوية فضلا عن كونه لا ينطلق من حاجيات المواطنين”.
ولم يشد موقف مجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل عما عبرت عنه باقي فرق المعارضة، حيث رأت في مشروع قانون المالي “تكريسا للسياسة المالية للحكومات السابقة دون أي تجديد او ابتكار” مبرزة انه جاء في سياق تصاعد الاحتقان الاجتماعي وغياب الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين وتدهور القدرة الشرائية وتجميد الاجور “.
وخلصت المجموعة الى أن أهمية أي قانون مالي بفرضياته ومرتكزاته وإجراءاته وأرقامه تكمن في وصول أثره ونتائجه الى المواطنين وخلق الثروة.