اعتبر مراقبون أن مغازلة أمين عام حزب الاستقلال المغربي حميد شباط لإسلاميي العدالة والتنمية يعد مناورة لامتصاص غضب مناصريه الذين لم ينالوا الكثير من المناصب على مستوى الجهات والمدن الكبرى.
ففي تطور درامتيكي صوّت حميد شباط لصالح غريمه وكيل لائحة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، إدريس الأزمي، منذ أيام، في انتخابات عمدة مدينة فاس.
وكان شباط قد دخل في صراع مفتوح مع العدالة والتنمية بعدما انسحب في يوليو 2013 من الائتلاف الحكومي الذي يقوده عبدالإله بن كيران.
وأعلن منتخبو حزب الاستقلال في فاس ما أسموه مساندتهم النقدية للمكتب الجماعي المسير لشؤون المدينة بقيادة حزب العدالة والتنمية. وتم تعميم صورة لحميد شباط عمدة فاس سابقا، وهو يحمل ورقة التصويت وقد وضع عليها علامة لفائدة الأزمي الذي فاز بإجماع 94 صوتا.
وكان شباط قد لوح بقطع علاقته مع المعارضة واستعداده لدعم حزب العدالة والتنمية، وقد صرحت نزهة الغالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بأن حزبها “تجمعه بإخوانه في العدالة والتنمية عدة ارتباطات، وميولات وتعاطفات”.
وقال المحلل السياسي محمد بودن في تصريحات لـ”العرب”، إنه إذا حصل فك الارتباط بين حزب الاستقلال وباقي مكونات المعارضة، فهذا يعني أن الحزب أقر بفشله، وحصلت مراجعات بشأن قرار الخروج من الحكومة.
واستدرك محمد بودن قائلا “إن مؤشرات السلوكات الانتخابية لبعض قياديي الحزب أثناء انتخاب رؤساء الجهات، أظهرت أن الحزب مازال مستمرا في مساندته لمرشحي الأحزاب المعارضة، وخصوصا حزب الأصالة والمعاصرة في بعض الجهات”.
وساق بودن، ثلاثة سيناريوهات لخروج الاستقلال من المعارضة، بعدما كان آخر الوافدين عليها في العام 2013، ويتمثل السيناريو الأول في إعادة بناء الثقة بينه وبين بعض أحزاب الأغلبية، وفي سيناريو ثان يمكن أن يكتفي الحزب بالمساندة النقدية، ومن المرجح أيضا أن يعدل الحزب عن فك ارتباطه بالمعارضة إذا رأى قادته أن قرارا مماثلا يمكن أن يهدد وحدته.
ومن جهته أشار جمال زورار، رئيس المرصد الوطني للحكامة، في تصريحات لـ”العرب”، إلى أن قرار حزب الاستقلال الخروج من المعارضة مزايدة إعلامية لا أقل ولا أكثر، و”الخروج من تحالف المعارضة اليوم سيكون بمثابة انتحار سياسي بما للكلمة من معنى” على حد قوله.
واعتبر زورار، أن خسارة حزب الاستقلال لانتخابات جهة فاس مكناس، لا يعدو أن يكون إلا حلقة أخرى من مسلسل اضمحلال هذا الحزب بالجهة.
أما المحلل السياسي المغربي الدكتور عبدالفتاح الفاتحي، فقال إن قرار حميد شباط المفاجئ وغير الطبيعي يؤكد أن حزب الاستقلال لا بوصلة توجه مسيرته المستقبلية، بل ربما هو في حاجة إلى إعادة وضعه على السكة الصحيحة، لذلك فهو أحوج إلى علاج بالصدمة للاستفاقة من غفوة نشوة مؤتمره الوطني الأخير.
وأضاف الفاتحي أن موقف حزب الاستقلال الذي انقلب 180 درجة من المعارضة الشرسة لحكومة بن كيران إلى المساندة النقدية لهذا الأخير، سيكون له الكثير من التداعيات على مستوى التحالفات في المجالس الجهوية والمحلية، مشددا على أن هذا الموقف ستكون تداعياته الكبرى بداية ترسيم الخريطة السياسية خلال الانتخابات التشريعية المقبلة.