يبقى الاحتجاج فعلا طبيعيا وتلقائيا أحيانا، وتعبيرا حضاريا على رفض سلوك معين صادر من شخص ما أو جهة ما. وفي حالة تم تصريف الاحتجاج في مكان عمومي وضد مؤسسة عمومية، فإن العملية تتم في إطار منظم بمقتضى القانون. هذه من الأبجديات المتعارف عليها لدى جميع الشعوب والدول، وهي نفس الأبجديات المعروفة عند وسائل الإعلام التي تحترم نبل رسالتها، خاصة أنها تخاطب رأيا عاما ومواطنين.
لكن في المقابل توجد أقلام محسوبة على أنها تنتمي لجسم الصحافة المغربية، لا تهمها البتة أخلاقيات مهنتها، ولا ذكاء الرأي العام المحلي والوطني. فبعض هذه الأقلام تبني أخبارها على بلاغات جمعيات حقوقية، ولا تقف عند هذا الحد ولا تكتفي بتبني محتوى هذه البلاغات مهما كان، بل تجتهد لتدلس على الرأي العام، باستعمال مصطلحات وكلمات "منفوخة" لتضخيم الحدث ولو كان عاديا.
فماذا يعني أن يكتب موقع الكتروني يعتبر نفسه "بديلا" إعلاميا، عنوانين متشابهين لحدثين محليين، أحدهما وقع بتارودانت والثاني بسلا قبل يومين؟: "هيجان "شعبي بتارودانت بمناسبة المطالبة بإطلاق سراح حقوقي"، و"هيجان شعبي بسلا بسبب ضرب شرطي لمواطن".
الأكيد أن هناك جهات مختصة للنظر في مطلب بعض مواطني تارودانت، وأيضا هناك جهات مختصة للنظر في ما صدر عن الشرطي في حق مواطن بسلا، لكن الغرابة في وصف الاحتجاج بـ"الهيجان الشعبي"، ولطالما كان "الهيجان" أمنية أصحاب النهايات، نهاياتُهم طبعا.