الجزائر: ضلوع رموز السلطة في ملفات الفساد يُدين نظام بوتفليقة

تعيش الجزائر على وقع فضائح فساد مالي وسياسي، متورطة فيها رموز في نظام بوتفليقة وآخر هذه الملفات قضية بنك خاص حقق نجاحا كبيرا في ظرف سنتين حتى أنه بات يزاحم كبار البنوك في الجزائر ليجد المحققون أن الأخير متورط في أعمال مشبوهة، وهنا السؤال الذي يتبادر إلى ذهن المواطن الجزائري والذي يتكرر مع كل فضيحة فساد تهز البلد هل هناك أطراف في السلطة تقف خلفه؟

أعاد كشف الجمارك الجزائرية عن تهريب أحد البنوك الخاصة لمبلغ 400 مليون يورو على مدار العامين 2013 و2014، التساؤلات عن خلفية تفجير هذا اللغم في هذا التوقيت بالذات، بعدما تَعوّد الرأي العام المحلي على التراشق بملفات الفساد لتصفية الحسابات السياسية بين سرايا السلطة، لتنضاف هذه الفضيحة إلى فضائح سابقة، كالخليفة وسوناطراك 1 و2 والطريق السيارة شرق غرب، التي أحيلت على القضاء للفصل فيها خلال شهر مارس المقبل.

ورمت الجمارك الجزائرية الثلاثاء الماضي للعلن، بفضيحة جديدة من العيار الثقيل تزيد من متاعب السلطة، وتؤشر لاستشراء فساد كبير في مفاصل الدولة، حيث تحدثت عن عمليات تهريب للعملة الصعبة نحو الخارج عبر بنك خاص برأسمال أجنبي في الفترة الممتدة بين 2013 و 2014 قدرت بـ400 مليون يورو.

وستفتح محكمة الجنايات بالبليدة والعاصمة شهر مارس، في دورتها القادمة بأثقل الملفات المثيرة للجدل، المرتبطة بالفساد المالي والسياسي التي ميزت فترة حكم الرئيس بوتفليقة منذ العام 1999 والمعروفة بضلوع شخصيات حكومية بارزة منها من هو خارج السلطة اليوم ومنها من لا يزال على رأس حقائب وزارية، كما هو الشأن بالنسبة إلى الوزير السابق لقطاع الأشغال العمومية عمار غول.

 

ويتطلع المتتبعون إلى ما سيبوح به المتهم الأول في فضيحة مجمّع الخليفة (الفتى الذهبي) عبدالمؤمن خليفة، بعد استقدامه من منفاه ببريطانيا منذ أكثر من عام، بعد معركة دبلوماسية وقضائية بين جهازي البلدين أفضت إلى تسليم لندن الرجل الذي سبقت محاكمته غيابيا وقضت بحقه محكمة البليدة بالسجن المؤبد.

ويكمن مصدر الإثارة في الملف، الضلوع المفترض لجهات نافذة ومسؤولين كبار في الحكومات السابقة في فضيحة الخليفة، بدليل استماع هيئة القضاء في المحاكمة السابقة لعدد من الوزراء والمسؤولين، كمراد مدلسي رئيس المجلس الدستوري حاليا، وجمال ولد عباس (وزير سابق وسيناتور حالي) وعبدالمجيد سيدي سعيد (رئيس نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين).. وغيرهم.

وهو ما يعتبر في رأي المراقبين إدانة سياسية لنظام بوتفليقة وتأكيدا لاتهامات الفساد والنهب التي تطاله من مختلف الجهات (سياسيون وأحزاب وشخصيات مستقلة).

ولئن شكل غياب خليفة عن المحاكمة السابقة وتحميله كل تفاصيل الفضيحة آنذاك، إنقاذا غير مباشر لبعض الشهود والمتهمين المحسوبين على السلطة، فإن فتح الملف مجددا بحضوره قد يكشف عن الكثير من الحقائق ويورّط من مَهّد الطريق للصعود الصاروخي للمجمّع في ظرف قياسي (1998-2003)، خاصة وأن المحاكمة تعتبر الفرصة الأولى للرجل للبوح بأسرار الملف والدفاع عن نفسه أمام القضاء.

وكانت تسريبات من مكتب مصفّي ملف بنك الخليفة منصف بادسي، خلال الأسابيع الماضية، قد تحدثت عن عدد من المستفيدين من مزايا البنك وخدمات مجانية وبطاقات دفع، وقالت إن بعضهم تخلف عن تسديد المبالغ التي أنفقها وذكرت منهم وزراء ومسؤولون حكوميين وشخصيات نافذة في السلطة.

وأعلن وزير العدل الطيب لوح منذ أيام أن محاكمة الخليفة ستتم خلال الدورة الجنائية المقبلة إذا فصلت المحكمة العليا برفض نقض المتهم الرئيسي في القضية عبدالمؤمن خليفة قبل نهاية يناير المقبل.

من جهة أخرى ستشرع محكمة جنايات الجزائر العاصمة في معالجة قضية سوناطراك 1 وقضية الطريق السيارة شرق غرب، في منتصف الشهر المقبل، وعلى رأسها الرئيس المدير العام السابق لشركة سوناطراك محمد مزيان، بالإضافة إلى مسؤولي أربع شركات بترولية عالمية.

 

يذكر أن سبعة من المتهمين موقوفون حاليا، ويوجد 12 متهما آخر في حالة إفراج مؤقت، وذلك بتهم تشكيل مجموعة أشرار وعقد صفقات عمومية مشبوهة والرشوة. في حين يتضمن ملف الطريق السيارة شرق غرب، ملفات 23 متهما بينهم ممثلي 7 شركات دولية من جنسيات مختلفة، سويسرية وصينية يابانية برتغالية وكندية، متابعون بجرم تشكيل عصابة أشرار واستغلال السلطة والنفوذ والرشوة وتبييض الأموال وتبـديدها.

وتبقى قضية سوناطراك 2 محل تحقيق قضائي وجدل سياسي، بعد الاتهامات التي وجهت في السابق من طرف القضاء الإيطالي في العام 2013 لوزير النفط المقيم في الولايات المتحدة الأميركية شكيب خليل، بشأن تلقي رشاوى تفوق 200 مليون دولار مقابل امتيازات لصالح شركة سايبام الإيطالية، رفقة عدد من الوسطاء والنافذين. وشكلت الفضيحة حينها صدمة قوية للسلطة، كون الوزير الفار كان أحد رجالات الرئيس بوتفليقة.

وظلت المسألة محل تجاذب في الصراع المحتدم آنذاك بين الرئاسة وجهاز الاستخبارات، وحاولت الموالاة رفع الاتهام عن وزير النفط السابق، وربطته بتصفية الحسابات السياسية بين الطرفين لعرقلة مرور بوتفليقة للولاية الرئاسية الرابعة.

لكن ما أثار القضية أكثر هو إسقاط القضاء الإيطالي خلال الأسابيع الماضية لشكيب خليل من قائمة المتهمين في الملف، وحتى الوسيط المهم (فريد بجاوي) أسقط هو الآخر من قائمة المطلوبين لجهاز الشرطة الدولية.

Read Previous

بهدفه في مرمى الرجاء: النغمي في صدارة هدافي البطولة

Read Next

الفيزازي يرد على من اتهموه بالتعاون مع “الديستي”