خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله
اخترت كصحفي دولي وكرئيس تحرير لمنبر إعلامي مواطن ومسؤول “جريدة الخبر نيوز” بالمغرب أن أترك منبري الورقي المتوقف عن الصدور لتداعيات مالية صرفة ولغياب تامّ لأي دعم مؤسساتي أو غيره يؤسس لإعلام شبابي حرّ ونزيه بالمغرب، واخترت، بإمكانياتي الخاصة وبدعم معنوي قليل النظير للمدير المسؤول للجريدة الزميل والسيد “اناس مريد”، والذي أكن له كامل الاحترام والتقدير بصفته رئيسا للعصبة الدولية للصحافيين الشباب المكتب المركزي بالمغرب، السفر إلى الدول المغاربية لمتابعة تطورات الأحداث بعيد “الربيع العربي”. كانت وجهتي الأولى نحو تونس ولو كان بودّي أن أبدأ رحلتي المغاربية بزيارة للجارة الجزائر التي مازالت تبدي تمنّعها الغير المبرّر لفتح الحدود في وجه المواطنين المغاربة، والذين تربطهم علاقات مصاهرات بإخواننا الجزائريين دون قيد أو شرط، وبالخصوص الزملاء الإعلاميين الذين يعانون من تربصّات الأجهزة الاستخباراية الجزائرية كلما دعتهم الحاجة الصحفية لزيارة هذا البلد الشقيق. لم يكن شعوري وأنا أضع رجلي على أرضية مدرج مطار قرطاج الدولي مختلفا عن قاعة المغادرة لمطار محمد الخامس الدولي. كلّ شئ كان يوحي بأنني لازلت في كنف “الوطن الأم”، حتى أن موظفي الشرطة والجمارك المغربية والتونسية خصوصا أبدوا من حسن الترحاب ما جعلني أفكر في ماهية الارتباط ببلد عربي ما دام يوجد داخل “المنظومة المغاربية”. بعد 15 ساعة من السفر جوّا وبرّا وبحرا، اخترت النزول بجزيرة “جربة”، ليس لرمزيتها السياحية البّينة لكن لرمزيتها التكافلية المغاربية بعيدا عن كل استثمار سياسوي هدّام (تكافل الساكنة مع جرحى ولاجئي الثورة الليبية). هناك، كانت لي لقاءات عدّة، غير مبرمجة، مع مواطنين تونسيين أبوا بتلقائية وعفوية إلّا أن يصرّحوا باختيارهم للنموذج المغربي في تقدمّه نحو مسار الديمقراطية بصيغة “مغاربية-عربيّة” يحتذى بها. فبعد ثورة 14 يناير التونسية، ما يزال المعترك السياسي التونسي مفتوحا في أفق انتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي ستوكل إليه مهمة صياغة دستور ما بعد الثورة يؤسس “للجمهورية الثانية” بتونس، دستور يؤكد على وجود سلطات منتخبة ويضمن الفصل بين السّلط ويحدّد آليات توازنها. أكيد أن المسار الديمقراطي الذي اختاره التونسيون لا رجعة فيه لكن يبقى محفوفا بالعقبات، وخصوصا في المرحلة الانتقالية التي تفرض انفتاحا أكبر لكل الحساسيات الحزبية والفعاليات الوطنية المستقلة على بعضها إيمانا منهم بحرية الرأي والتصوّر والمنهج، وإيمانا بالاختلاف الذي يفيد التكامل علما أنّ المسار الديمقراطي الناجح يفرض التأني ووضع لائحة الأولويات الاستراتيجية، وفي هذا الصدد أكد “جوهر بن مبارك، أستاذ جامعي في القانون الدستوري ورئيس قائمة مستقلة في تصريحه لعدد من المنابر التونسية، أن من الأولويات وضع خطة عاجلة لضمان استقرار الوضع بالبلاد وتثبيت التوازنات الاقتصادية والمالية التونسية والعمل على الحد من بؤر التوتر الكبيرة في التشغيل وإصلاح الأمن والتفكير الجدّي والإعداد لإصلاح منظومة القضاء وإعداد الأرضية لفتح ملفات الفساد والعمل على تأسيس هيأة وطنية مستقلة للإعلام. فبالنظر إلى طموحات الشعب التونسي الشقيق المشروعة، نجد بمقارنة أكثر عمقا أن التجربة المغربية تظل فعلا من التجارب الرائدة على المستوى المغاربي وليس بحقّ الحركات الاحتجاجية بالمغرب (20 فبراير أو غيرها من الحركات الهجينة) سوى العمل على تفعيل مقتضيات الدستور الجديد للمملكة الذي يبقى دستورا تقدّميّا ومتقدّما يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن المغربي طبقا للمعايير الدولية وتطبيقا لمقتضيات المعاهدات الدولية الخاصّة بحقوق الانسان، ولن يتمّ ذلك سوى بالانخراط الفعلي للمواطن المغربي العادي في المنظومة الانتخابية عبر مساطر الترشيح أو عبر صناديق الاقتراع التي تظل العنصر الحاسم في ترسيخ مبادئ الديمقراطية بالمغرب. جمال خاردي مبعوث العصبة الدولية للصحافيين الشباب