فيديو: المغرب يرسل 25 شاحنة للدعم و فرق إغاثة لإسبانيا للمساعدة في إزالة مخلفات الفيضانات
الكتاب الجزائري سعيد هادف
أكورا بريس / حـوار: خديجة بـراق
في حوار أجريناه مع الكاتب الجزائري “سعيد هادف” قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات التي عرفتها بلاده مؤخرا، والتي أسفرت عن إعادة انتخاب الحزب الحاكم دون أن تُحدث أي تغيير يذكر، أكد “هادف” لــ”أكورا” أن العملية الانتخابية الأخيرة إذا أسفرت عن مشهد سياسي جزائري يمتلك إرادة التغيير فإن بلاده ستنخرط في عملية إصلاحية جذرية لإعادة بناء الدولة الجزائرية على أسس يمكنها أن تتناغم مع ما يحدث في المنطقة المغاربية، وبالمقابل أكد أن عدم حدوث أي تغيير فهذا يعني أن النظام في الجزائر يعاني من عطب ولا يمكن أن يتجاوز هذا العطب إلا بسقوطه.
سعيد هادف وهو عضو اتحاد الكتاب الجزائريين، تحدث أيضا عن قضية الصحراء والحكم الذاتي والجهوية الموسعة معتبرا أن المملكة المغربية تمتلك مفتاح الحلّ، كما قرأ أيضا مستقبل الاتحاد المغاربي في ضوء الربيع العربي الذي انطلق من المنطقة وأسفر عن إسقاط نظامين في كل من تونس وليبيا.
– كيف تقرؤون مستقبل الاتحاد المغاربي بين حلم الشعوب وواقع الأنظمة خاصة النظام الجزائري؟
أن نحلم شيء و أن نعمل على توفير الشروط لتحقيق هذا الحلم فهذا شيء آخر، و الاتحاد المغاربي كان حلم أسلافنا من حركات التحرير الوطني وهو حلمنا لليوم وسيظل، وعلينا التساؤل ما هي العوائق التي حالت دون تحققه ومن هي -الجهات التي عملت على عدم تحقيقه ومن هي الجهات التي عملت على تعطيله ولمصلحة من؟
في ظل التحولات التي نعيشها اليوم على المستوى المغاربي والعربي والعالمي لا يمكننا أن ننظر إلى الاتحاد المغاربي إلا في ضوء تاريخنا الحالي وفي ضوء الصراع الذي يعيشه العالم بين القوى المناصرة للديمقراطية ولحقوق الانسان وحقوق الشعوب والقوى المعادية للديمقراطية ولحقوق الإنسان، أنا أومن بهذه الثنائية وبأن الحرب ليست بين الأمم بل بين القيم، وما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا يبين لنا بأن تلك الثنائية التي تقول بأن هناك حرب بين المسلمين والغرب أو بين العرب والمحتلين السابقين للبلدان العربية، لم يعد لها مكان، لأن هناك حرب بين القيم فمثلا ثوار ليبيا كانوا مدعومين بقوى أمنية تؤمن بحقوق الانسان والديمقراطية والقذافي وشبكته كانوا مدعومين بجهات عالمية أيضا تعادي الإنسان وتعادي حقوقه وتعادي الديمقراطية، نفس الشيء في سوريا، فمن هذا المنطلق علينا أن نعي شيءا وهو أن الغرب ليس عدوا و ليس صديقا، في الغرب هناك قوى ديمقراطية حقوقية هي من يجب أن نتعاون معها وداخل الغرب هناك لوبيات وشركات متوحشة وهناك دوائر استخباراتية تعادي حتى شعوبها وهذه هي من يجب أن نحذر منها لأنها هي من دعمت الاستبداد في الوطن العربي ومن ودعمت المفسدين وحمتهم لأنهم كانوا بالنسبة لها خدام يحرسون ثروات الأمم لتستفيد منها هي.
فإذا وعينا هذا الصراع وإذا فهمنا بأن الديمقراطية وحقوق الانسان هو الأفق الذي ينبغي أن نسير نحوه وأن نعمل على تحقيقه، في هذا المضمار سيتحقق الاتحاد المغاربي وسيصبح حلما قابل للتحقق، فهذا التكتل لا يمكن أن يتحقق في نظري إلا على أسس ديمقراطية وحقوقية وتنموية ومن خلال المفهوم الحديث للدولة الذي يعطي الاعتبار للجهة فيما هو محلي و يعطي الاعتبار إلى السياسة العقلانية التي تعمل على تدبير الجغرافيا حتى تكون في خدمته لأنّنا أحيانا هذه السياسات الاستبدادية وسياسات الفساد تنظر إلى الجغرافيا كما لو أنها أرض خلاء لا ساكنة فيها ولا تعطي اعتبار لهذه الساكنة.
– معنى هذا أنه لا يمكن بناء الاتحاد المغاربي مادامت معظم دول المنطقة تعاني من عقم الديمقراطية وبالتالي علينا انتظار تحقق الديمقراطية لنحقق حلم الشعوب؟
طبعا ليس هذا المطلوب، يمكننا أن نبدأ بما يمكن تحقيقه، مثلا وضعية العلاقات المغربية الجزائرية تحتاج إلى فتح الحدود وهذه مسألة ليست بالصعبة، فليسمح لنا في المغرب والجزائر بحرية التنقل، لأن من حق الشعبين التنقل وصلة الرحم وهذه خطوة أولى، ثم نخلق مجال التعاون كما يسير عليه اليوم المغرب والجزائر والذي يهدف إلى بلورة السياسة والتعاون في المجال الاقتصادي أو الفلاحي ثم نفكر في أشياء يمكننا أن نقوم بها سهلة التحقيق، أيضا ما يحدث في ليبيا اليوم هو وعي بالمفهوم الحديث للدولة فهناك من يطالب بالبناء الفيدرالي، وهناك من يطالب بإعطاء اعتبار للجهة، في تونس نفس الشيء، لكن علينا أن نفهم أن أعداء الثورة في ليبيا وفي تونس والأعداء الاقليميين والعالميين للمنطقة ليسوا مكتوفي الأيدي فهم سيعملون على إفساد الثورة وإعادة بناء شبكتهم الاستبدادية وشبكة الفساد التي يستفيدون منها، وبالتالي كل دول المنطقة تعتبر في مرحلة بناء ديمقراطي فبتحققها يتحقق الحلم المغاربي.
– طيب هذا عن تونس وليبيا فماذا عن الجزائر؟
الجزائر هناك إصلاحات سياسية ودستورية، لكن ننتظر الانتخابات، فما يهمنا نحن هو التجربة الجزائرية، ماذا ستسفر العملية الانتخابية المرتقبة هل ستسفر عن مشهد سياسي جزائري يمتلك إرادة التغيير وبالتالي سينخرط في عملية إصلاحية جذرية لإعادة بناء الدولة الجزائرية على أسس يمكنها أن تتناغم مع ما يحدث في المنطقة المغاربية، أو أن هذه التجربة ستفسر على أن النظام في الجزائر يعاني من عطب، ولا يمكن أن يتجاوز هذا العطب إلا بسقوطه.
– دعا مجموعة من عقلاء البلدين إلى ضرورة الاشتغال على ما يسمى بالدبلوماسية الموازية لحل الأزمة المغربية الجزائرية، من خلال المجتمع المدني، الفن والثقافة والإعلام لتشكل ضغطا على الأنظمة. هل ترى ذلك مجديا؟
أعتقد أن الديبلوماسية الموازية كانت موجودة طيلة العقود السابقة، وكان دائما عقلاء في السياسة وفي الثقافة وهم من كانوا دائما يعملون على رأب الصدع بين المغرب والجزائر، وعملوا على إنقاذ الوجدان المشترك من العطب، وهذه الديبلوماسية الموازية بدأت تأخذ منحى آخر الآن ربما بشكل موسع و بشكل ممنهج وبشكل منظم من خلال مكونات المجتمع المدني من خلال مثقفين من خلال إعلاميين وهذه الظاهرة صحية لكنها لا تكفي.
– لماذا لا تكفي؟
لأنّ هذا الحراك المدني الديبلوماسي سيكون أكثر مردودية في ظلّ حراك سياسي منفتح ويمتلك الإرادة و الجرأة على التغيير، أما في ظلّ انسداد سياسي فإن هذا الحراك المدني والفكري والديبلوماسي سيبقى دون طائل إذا لم يكن مدعوما بحراك سياسي.
أرى أن المغرب هو من يمتلك المفتاح، فقد سبق وأن طرح مشروعا أصيلا، وهو المشروع الذي يؤسس لحلّ كلّ النزاعات ويؤسس لبناء الاتحاد المغاربي، وأقصد بذلك مشروع الحكم الذاتي والجهوية الموسّعة، أعتقد لا يمكن أن يبنى الاتحاد المغاربي، إلا على أسس تكون فيها للجهوية كلمتها وللحكم الذاتي كلمته، لأن الجهوية الموسعة والحكم الذاتي هي شكل من أشكال البناء الفيدرالي لتدبير المجال الجغرافي، والجغرافيا تحتاج إلى تدبير حديث وخاصة بالنسبة للمنطقة المغاربية لأنها تمتلك مساحة جغرافية كبيرة، وهي كبيرة أيضا بمشاكلها سواء من خلال حركات التهريب أو الإرهاب. فمشكل الصحراء لا يمكن أن يحلّ بسياسات قاصرة بل بسياسات متبصرة وحديثة تعطي الإنسان قيمته وقيمة الإنسان هو في إعطاء قيمة لحيزه الجغرافي بتدبيره الإداري والسياسي والاقتصادي، وهذه الجهات التي تبنى على أسس جديدة ستكون في حالة تضامن فيما بينها وبالتالي في حالة تضامن الأقطار المغاربية، وهكذا نستطيع أن نبدأ بشكل صحي وسليم في إعادة بناء اتحادنا وحل مشاكلنا وتسهل علينا فيما بعد العملية التنموية.