وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تكشف عن فترة استخلاص مصاريف الحج
منذ الثمانينات و”الزعيم” عبد القادر بليرج ينسج العلاقات تلو العلاقات مع أشخاص وتنظيمات ذات التوجه الجهادي، في بلجيكا، والجزائر، ولبنان وأفغانستان، التي التقى فيها بزعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وكان دلك سنة 2001.
وخلال سفرياته ولقاءاته لم يتردد “بليرج” في إثارة الأوضاع السياسية في المغرب، وكان واضحا في استراتيجيته الرامية إلى القيام باغتيالات في شخصيات مغربية ثم عمليات إرهابية بهدف إضعاف المسؤولين، فقط كانت هناك اختلافات بينه وبين تنظيمات أخرى تُكن نفس العداء للنظام في المغرب، وتمثلت تلك الاختلافات في طريقة تنفيذ الاعتداءات. لذلك عمل عبد القادر بليرج على إيجاد حلفاء يتقاسمونه نفس التوجه السياسي والجهادي.
كانت أول خطوة قام بها “الزعيم” بليرج في أفق تنفيذ مشروعه الجهادي الرامي إلى “تغيير النظام في المغرب”، هو جمع شتات ما تبقى من حركة “الشبيبة الإسلامية”، ولنفس الغرض عقد في صيف سنة 1992 اجتماعا سريا في مدينة طنجة ضم مجموعة من الفاعلين السياسيين والجهاديين، منهم “م.م”، و”محمد.م”، و”محمد.ر”، و”الحسين.ب”، و”الحبيب.م”، و”حسن.ر”، و”جمال .ب”، و”ماء العينين.ع”، وآخرون.
وخلال هذا الاجتماع، كشف بليرج للحاضرين عن مشروعه الجهادي بالمغرب، والذي يرتكز على تكوين جماعة لها جناح سري مسلح، وقد لاقى المشروع ترحيبا من لدن جميع الحاضرين. وتأكد هذا الأمر حين تدخل “م.م”، وقال مخاطبا عبد القادر بليرج إن هذا المشروع سينجح في حالة تكوين جناح عسكري مدعم، ومسلح بأسلحة نارية. كما تطرق “م.م”، خلال حديثه إلى اسم “لبيض. بلكاسم”، واعتبره شخصا مشبوها، وكان ينتمي إلى “الشبيبة الإسلامية”، واتهمه بأنه وراء سرقة أموال قادمة من السلطات الإيرانية لفائدة جماعتهم، و”لبيض” كان مقيما في بلجيكا، وقد طلب “م.م” من بليرج تصفيته جسديا. كما طلب “م.م” من بليرج وأعوانه اقتناء قارب مائي من نوع “زودياك”، لسرعته، وذلك بهدف نقل الأسلحة على متنه انطلاقا من سبتة ومليلية، كما أمرهم بأن يتكلف بليرج وأعوانه في بلجيكا بتمويل الجماعة، الشيء الذي التزم به “الزعيم” بليرج أمام جميع الحضور. وخلال نفس الاجتماع السري تدخل “محمد.ر” ليتحدث عن المسار العام للحركة الإسلامية بالمغرب، وعن مسار منظمة “الاختيار الإسلامي”، وأشار في تدخل إلى ضرورة المشاركة في اللعبة السياسية بشكل علني، والاعتماد بالموازاة مع ذلك على العمل الحركي السري. وتدخل “محمد.م” يزكي تدخل “محمد.ر”، وكذا تدخل “م.” بخصوص إنشاء تنظيم سري بهدف الإطاحة بالنظام القائم بالمغرب، مع اعتماد استراتيجية بعدية المدى، واستقراء الأوضاع في البلاد.
وعرف “اجتماع طنجة” تكليف عبد القادر بليرج وأعوانه في بلجيكا بالدعم اللوجستيكي للحركة انطلاقا من الخارج، ويتمثل هذا الدعم في التمويل والاستعلام الأمني وتنفيذ عمليات ذات طابع عسكري، وربط الاتصال بالمنظمات السرية. كما شهد “اجتماع طنجة” إسناد القيادة لكل من “م.م”، و”محمد.م”، و”محمد.ر” باعتبار رصيدهم الحركي بمنظمة “الاختيار الإسلامي”.
عمل “الزعيم” عبد القادر بليرج برأي القائد “م.” بخصوص المدعو “لبيض بلكاسم”، إذ بمجرد عودة بليرج إلى بروكسيل تحرى عنه، وتوصل إلى أنه عميل للمخابرات الفرنسية.
مر أكثر من أسبوع على “اجتماع طنجة”، لتتم دعوة بليرج وبعض أعوانه المباشرين لحضور اجتماع مماثل بمدينة الرباط، وتحديدا بمنزل “محمد.م”، وقد حضر الاجتماع أشخاص يضعون أقنعة على وجوهم، وكان من بينهم القائد “م.م”. وخلال هذا الاجتماع قدم عبد القادر بلعيرج عرضا حول التجربة الجهادية لجبهة الإنقاذ الجزائرية، ثم أمر بليرج أحد أعوانه ويدعى “جمال.ب” بأن يلقن للحاضرين طريقة تصنيع المتفجرات، باعتبار أنه سبق لهذا الأخير أن تلقى تدريبا عسكريا بأحد معسكرات “حزب الله” بلبنان.
عاد عبد القادر بليرج مرة أخرى إلى بلجيكا، وكان ذلك سنة 1993، حيث اشترت سبع مسدسات بخراطيشها من نوع “جي بي” 9 مم، صنع بلجيكي، وصاعقين، وكلف بليرج عضوين من خليته بإيصال تلك المسدسات إلى مدينة مليلية، ووصت ست مسدسات إلى يد “محمد.م”، في ما تسلم بليرج المسدس السابع لدى دخوله إلى المغرب، فأدخل إلى الجزائر ليسلمه لعضو سابق في اللجنة العسكرية لجبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية، وهو في نفس الوقت شقيق الجزائرية التي تزوجها بليرج، حين كان مستقرا بالجزائر، إذ كان مبحوثا عنه من طرف السلطات الأمنية المغربية لصلته بتنظيم “حركة المجاهدين بالمغرب”، خلال الثمانينات.
تم تشكيل خلية عسكرية مسلحة يتزعمها “بليرج” من جهة ، و”محمد.م” من جهة ثانية، وخلال سنة 1994 ستنفذ هذه الخلية عملية استهدفت سيارة لنقل الأموال، تابعة لشركة G4 بالدار البيضاء، بأمر من القائد السياسي “م.م”، على أن تتم عملية الهجوم خلال مغادرة السيارة للوكالة البنكية للبنك المغربي للتجارة الخارجية، الموجود بالقرب من المجمع التجاري “ماكرو” بمنطقة بوسكورة. ورغم أنه تقرر مهاجمة السيارة بواسطة أسلحة النارية، لأن العملية فشلت بسبب يقظة سائقها.
وانتظرت الخلية المسلحة سنتين بعد ذلك لتخطط لعميلة إجرامي ثانية، وكان دلك سنة 1996، أي عقب وقوع مجزرة “جنين” بفلسطين، إذ عقدت الخلية اجتماعا بمنزل “رضوان.خ”، حضره “محمد.م”، وأعضاء الخيلة المسلحة، وتمت مناقشة عملية اغتيال المواطن اليهودي “بيبي أزنكوت”، واتضح أن عبد القادر بليرج كان موجودا خلال التخطيط لهذه العملية بالديار البلجيكية، وعلم بمحاولة اغتيال المواطن اليهودي المذكور من خلال قناة ليبية، لكن “محمد.م” اتصل به وطلب منه إصدار بيان ينسب العملية لأشخاص مقيمين بالخارج لتضليل التحقيق الأمني والقضائي حول المحاولة الفاشلة، غير أن بليرج لم ينفذ ما طلب منه “محمد.م”.
وتوالت محاولات تنفيذ عمليات إجرامية من طرف خلية “بليرج” التي تركها تشتغل تحت إمرة “محمد.م”، إذ تم التخطيط، في غضون سنتي 2002 و2003، لمهاجمة سيارة لنقل الأموال تابعة لشركة “ليديك”، وأخرى تابعة لبنك المغرب، لكن الفشل كان هو سيد الموقف.
وبعد توالي الإخفاقات في كل العمليات التي حاولت خليته تنفيذها، وهي تحت إمرة “محمد.م”، الدي أصبح يتعاطى أكثر للعمل السياسي، قرر عبد القادر بليرج استرجاع الأسلحة، أي المسدسات الستة التي كانت بحوزة “محمد.م”.
حرص عبد القادر بليرج بالموازاة مع عمله إلى جانب “محمد.م”، و”م.م”، على تكوين خلية خاصة بالتمويل والاستعلام، أي أنه استقطب أشخاصا لهم إمكانيات مادية لتوفير الدعم المالي لتحركات خليته، وأشخاصا كلفهم بالاستعلام حول شخصيات يهودية، وشخصيات عسكرية وأمنية وضعها في لائحة المستهدفين عن كريق عمليات اغتيال، مندرجة في مشروعه الجهادي.
أكورا بريس