أبرز الباحث والأكاديمي الجزائري، بلقاسم القطعة، أن المؤسسة العسكرية الجزائرية استغلت الحركة الشعبية المعروفة بالحراك، وسلبت شرعيتها من الشارع، وحولت مطلب الشعب بالتغيير إلى تغيير ضمن نفس النظام ووفق الثقافة السياسية القائمة على سيادة المؤسسة العسكرية على الحكم المدني.
وسجل الباحث، في مقال نشره مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط ، على موقعه الإلكتروني، أن قيادة القوات المسلحة الجزائرية ستفقد مصداقيتها كحكم موثوق به في إدارة الأزمات السياسية بين الشارع والنخب المدنية الحاكمة بسبب تعامل هذه المؤسسة مع الحراك وتعجيلها بإجراء انتخابات رئاسية.
وأبرز أن المؤسسة العسكرية الجزائرية، التي وصفها بأنها دولة داخل الدولة، عادت إلى السياسة كخصم سياسي وحكم وكصانعة قرار، لكن هذه المرة من دون رئاسة قوية منافسة لها، إذ يُتوقع أن تضغط، على المدى القريب، على الرئيس للقيام بمزيد من الإصلاحات، التي ستقتصر على الأغلب على تجديد المؤسسات التمثيلية وإجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية لتأجيل عودة الجماهير إلى الشارع.
وعلى المدى المتوسط، يضيف الباحث، سيكون الجيش مجبرا على إيجاد بديل للرئيس عبد المجيد تبون (البالغ من العمر 75 سنة)، الذي فشل في تقديم نفسه كمصلح ذي مصداقية، كونه أحد بيروقراطيي نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ، مبرزا أن المؤسسة العسكرية قد تجد نفسها لاحقا مجبرة على تعيين شخصية أقل معارضة من داخل أو خارج نظام الحكم، وقادرة على تقديم تنازلات للمؤسسة العسكرية.
وشدد الأكاديمي على أنه لطالما كان للقادة العسكريين في الجزائر صوت مسموع في صناعة السياسة الخارجية وتوجيهها ، مستطردا أنه مقارنة بفترة حكم بوتفليقة سيكون للمؤسسة العسكرية الصوت الأعلى في إدارة الملفات الأمنية والإقليمية والدولية.
وأوضح في هذا السياق أنه ستزداد حدة فرض وجهة نظر المؤسسة العسكرية على توجهات السياسة الخارجية الجزائرية ولاسيما “الحفاظ على العداء الاستراتيجي مع المغرب قائما”.
وتوقع الباحث أن تتخذ محاربة الفساد المزعومة داخل المؤسسة العسكرية صيغة “الحد من التغيير عبر التغيير”، أي حماية الفساد عن طريق محاربته المزعومة، والتركيز على الفساد الاقتصادي والحصول على مكاسب مالية وامتيازات اقتصادية خارج الإطار القانوني الذي ينظم معاشات العسكريين وامتيازاتهم.
وأكد بلقاسم القطعة أنه “في الوقت الذي يعتقد البعض أن مهندسي (الجزائر الجديدة) سيقضون على الفساد، يبدو أن الأصح هو أنهم يعملون على تحديد جيل معين من الفاسدين وإزالته لصالح صعود جيل جديد من الفاسدين يتخفى وراء شرعية الحراك الشعبي الذي شهد مطالبات من قبل المتظاهرين بالقضاء على من وصفوهم بالعصابة”، مشددا على أنه “ستستمر ظاهرة الفساد في الجيش في فرض نفسها كأسلوب للإثراء الشخصي بين أفراد النخبة العسكرية عبر استغلال نفوذهم واستثنائهم من المساءلة التي تتم عبر المؤسسات الديمقراطية”.
(و م ع)