قائمة أسماء الشخصيات التي اختارها ترامب لتتولّى مناصب في إدارته
شكل خطابا القائدان الدينيان الكبيران، أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وقداسة البابا فرانسيس، اليوم السبت بالرباط، رسالة سلام وأمل إلى عالم يبحث عن معالمه، ويعرف تحولا أكثر من أي وقت مضى.
سواء على مستوى المكان، وأيضا التوقيت، تكتسي هذه الرسالة حمولة رمزية كبيرة، على اعتبار المكانة التي تحتلها الرباط، تاريخيا، كمدينة منفتحة للقاء والتلاحق بين أتباع الديانات التوحيدية.
بيد أنه، وكما أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، فمن الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية، يبقى غير كاف في واقع اليوم. ذلك أن هذه الديانات وجدت للانفتاح على بعضها البعض، وللتعارف في ما بينها، في سعي دائم للخير المتبادل.
إنها دعوة قوية وصادقة تلك التي وجهها أمير المؤمنين أمام ضيفه الكبير بباحة مسجد حسان الرمزي، لرفض التطرف بكل أشكاله، سواء كان دينيا أو غير ذلك، لكونه يعكس الجهل بالآخر.
إن هذا المنظور الملكي لحوار الحضارات، الذي يرتكز في الوقت ذاته على الانفتاح والسعي لتحقيق التوازن بين الديانات التوحيدية، يؤكد على أن الحوار بين الأديان يظل أمرا ملحا وحتميا.
وفي هذا السياق، يؤكد أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وقداسة البابا فرانسيس، بقوة، على ضرورة بلورة أجوبة مناسبة ترتكز على القيم المشتركة بين الأديان.
وبحسب الحبر الأعظم، فإنه من الضروري مجابهة التعصب والأصولية عبر “تضامن جميع المؤمنين”، باعتباره أحد المبادئ المشتركة بين الديانات التوحيدية.
وتوفر التجربة الرائدة لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات آلية فعالة للوقاية ومكافحة مخاطر التطرف والإرهاب، وهي التجربة التي كانت محط إشادة من قبل قداسة البابا. كما شدد، البابا فرانسيس، على أهمية توفير تنشئة ملائمة للقادة الدينيين من أجل إعادة إحياء المعاني الدينية الحقيقية، مضيفا أن ” حوارا أصيلا يدعونا لعدم التقليل من أهمية العنصر الديني من أجل بناء جسور بين البشر والنجاح في مواجهة التحديات “.
ويتمثل البعد الآخر للمكانة الرائدة للمملكة كبلد للحوار والتعايش الديني، في تسليط قداسة البابا الضوء على المؤتمر الدولي لمراكش حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي .
ونوه، في هذا الصدد، بكون المؤتمر قد سمح بشجب كل استخدام لدين بهدف تبرير التمييز أو التهجم على باقي الأديان، مسلطا الضوء على أهمية تخطي مفهوم الأقلية الدينية، من أجل تعزيز مفهوم المواطنة.
كما أشاد البابا فرانسيس بالدعوة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل إيلاء مكانة متميزة للتربية، في إطار مقاربة تتوخى اقتلاع جذور التعصب والتطرف العنيف.
ويؤكد هذا الأمر على أن الإجابة ينبغي أن ترتكز في المقام الأول على رفض الجهل بين الحضارات. ومن هنا فقد بات من الضروري إيلاء مكانة للدين في البرامج التعليمية.
ومع ذلك، فإن قضية السلام في العالم لن تنتصر أبدا من دون إزالة الحواجز بين الأمم، وما يترتب عليها من نتائج فيما يتعلق برفض الآخر.
وأكد قداسة البابا أنه لن يتم، إطلاقا، تسوية وحل مثل هذه الظواهر من خلال بناء الحواجز، ونشر الخوف من الآخر أو رفض مساعدة من يطمحون بطريقة مشروعة إلى تحسين أوضاعهم.
إن انبثاق عالم أفضل حيث يسود فيه السلام والقيم الإنسانية لن يتحقق في غياب إرادة قوية لجعل العدالة الاجتماعية حقيقة ملموسة، وهو الأمر الذي يتطلب مكافحة بلا هوادة وبلا كلل للاختلالات السوسيو اقتصادية ولكل عوامل التوتر.
ويمكن القول أن الرسالة التي أطلقها أمير المؤمنين والحبر الأعظم ستدون في سجلات الحوار بين الأديان والحضارات حيث يبرز المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة، كأحد أهم رواده.