يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
تربط المغرب والأردن علاقات اقتصادية واعدة، تستمد أسسها من الأواصر المتجذرة بين البلدين بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه جلالة الملك عبد الله الثاني ويميزها الحرص المشترك على النهوض بالشراكة الثنائية في كافة المجالات. وتشكل العلاقات المغربية الأردنية، مثالا يحتذى في الانسجام والتعاون والتنسيق المشترك، بفعل القواسم المشتركة التي تجمعهما، والمتصلة بالنهج الإصلاحي والتنمية الاقتصادية.
ولم تبتعد العلاقات الثنائية يوما عن أعلى درجات التنسيق والتعاون المشترك، في كافة المجالات، وخصوصا في الشق الاقتصادي الذي يحرص البلدان على رفع مستواه بغية زيادة الاستثمارات ورفع مستوى التبادل التجاري تحقيقا لطموحات الفاعلين الاقتصاديين في المملكتين. وتجسد العلاقات المتميزة بين البلدين، والتي ضلت راسخة على الدوام منذ سنين، النهج القويم للسياسة الخارجية المتوازنة التي يتبعها البلدان والقائمة على مبدأ الحوار والالتزام باحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وفي هذا الصدد، تشكل زيارة الصداقة والعمل التي يبدأها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، غدا الأربعاء للمغرب، رافدا قويا لتثمين التعاون القائم بين البلدين، والذي ما فتئ يتعزز في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات الحيوية.
ويؤطر التعاون الاقتصادي المشترك بين المملكتين، حوالي 115 وثيقة تتوزع بين اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية ومحاضر. وتهم جميعها مجالات تعاون مختلفة، وخاصة في ميادين الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والطاقة والمعادن، وفي مجالات المالية والاستثمار والنقل الجوي والبري والملاحة البحرية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والجمارك والمنافسة.
كما تشمل مجال الإدارة والخدمات والمناطق الحرة، فضلا عن المجال الأمني والبيئي والقطاعات التربوية والتعليمية والثقافية، وغيرها من ميادين التعاون الأخرى، علما أن هناك العديد من المشاريع هي الآن قيد البحث لدى الجانبين من أجل بلورة آليات لتفعليها بشكل أفضل. وعزز المغرب والأردن علاقاتهما التجارية في إطار اتفاق التبادل الحر الموقع في يونيو 1998، علاوة على اتفاق أكادير الذي دخل حيز التنفيذ في يوليوز 2006 والاتفاقية المتعلقة بإحداث منطقة للتبادل الحر، التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر 1999.
وحرصا من البلدين على النهوض بالتعاون بين القطاع الخاص، تم إنشاء مجلس لرجال الأعمال المغاربة والأردنيين سنة 1998 من طرف جمعية رجال الأعمال الأردنيين والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وتوجت الاجتماعات التي عقدها هذا المجلس بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تفعيل دور هذا المجلس وتوسيع مجالات التعاون بين رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم الأردنيين.
وعلاوة على ذلك، جرى التوقيع في الدار البيضاء على اتفاقية لتأسيس مجلس أعمال يضم الأردن والمغرب ومصر وتونس، بهدف المساهمة في زيادة التبادل التجاري وتفعيل الحركة الاقتصادية بين هذه الدول وزيادة تراكمية شهادة المنشأ للدخول إلى الأسواق الأوروبية.
غير أنه في ضوء المعطيات الحالية، لا زالت المبادلات التجارية دون الإمكانات المتاحة في كلا البلدين، ذلك أن واقع ومستوى التعاون على الصعيدين الاقتصادي والتجاري يحتم ضرورة الارتقاء بعلاقات البلدين الى مستويات أفضل وذلك عبر العمل على تعزيز نسق تكامل لبناء شراكة اقتصادية وتجارية استراتيجية ضمن منظور مستقبلي شامل، و تقويم وهيكلة مسار هذا التعاون، خاصة وأن الاطار المنظم للعلاقات الثنائية يوفر العديد من الضمانات القانونية الكفيلة بتعزيز وتمتين التعاون البيني في مجالات الاستثمار المختلفة. وما يعزز من هذا الأفق، توفر البلدين على مقومات ومؤهلات كبيرة وعلى بيئة استثمارية مشجعة، تستدعي مضاعفة الجهود لتنويع الشراكة الاقتصادية ودعم وتطوير تبادل السلع والخدمات والزيادة في حجم الاستثمارات المتبادلة في مختلف القطاعات الانتاجية في اطار تكاملي ايجابي ومربح للطرفين.
وكانت اجتماعات الدورة الأخيرة للجنة العليا الأردنية المغربية المشتركة، التي انعقدت بالرباط في 22 أبريل 2016، مناسبة لتفعيل العلاقات الثنائية على كافة المستويات.
وتميزت هذه الدورة بالتوقيع على 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي، همت على الخصوص قطاعات التجارة والصناعة والتنمية المستدامة والحرف التقليدية والإعلام والتربية والتعليم والتشغيل، علاوة على المجال الثقافي والرياضي والسياحي.
وتتوخى هذه الاتفاقيات إعطاء زخم نوعي لعلاقات البلدين للارتقاء بها على المستوى الاقتصادي والتجاري والاستثماري، خدمة لمصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
وشكلت هذه الدورة، فرصة سانحة لدعوة الجانبين لتجاوز المعيقات وتسهيل المساطر الكفيلة بضمان انخراط القطاع الخاص في البلدين، والاضطلاع بدوره كاملا في النهوض بالمبادلات التجارية التي لا تتجاوز قيمتها ال50 مليون دولار.
ومما لا شك فيه فإن تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي، هو رهان حقيقي لبلوغ نتائج واعدة، والمضي قدما في إرساء شراكة نوعية بفضل توفر البلدين على موقعين استراتيجيين مهمين قادرين على تسهيل ولوج منتوجاتهما والنفاذ نحو اسواق دولية جاذبة.
وفي هذا السياق، تحذو المسؤولين المغاربة والأردنيين إرادة كبيرة لبناء شراكة اقتصادية حقيقية كفيلة بخلق آفاق أوسع في العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها من مجالات التعاون، دعما لجهود البلدين الصادقة في سبيل تعزيز روابط التضامن وتوطيد جسور التواصل على كافة الأصعدة، بما يخدم مصالحهما الحيوية المشتركة.