تطور يعرّض وقف إطلاق النار للخطر والجانبان يتبدلان الاتهامات بين أروقة مجلس الأمن. قال الجيش الأمريكي إن التحالف أوقف الهجمات الجوية ضد ما كان يُعتقد أنها مواقع لتنظيم “الدولة الإسلامية” في شمال شرق سوريا بعد أن أبلغته روسيا بأن أفرادا من الجيش السوري ومركبات ربما تعرضوا للقصف. وقال مسؤول كبير بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بيان عبر البريد الالكتروني إن الولايات المتحدة أبلغت”أسفها” عبر الحكومة الروسية لمقتل جنود سوريين بشكل غير مقصود في الهجوم.
وفي الوقت ذاته، انتقد بيتر كوك السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في بيان عبر البريد الالكتروني المسؤولين الروس موضحا أنهم لم يبدوا قلقا في وقت سابق يوم أمس (السبت 17 سبتمبر 2016) عندما تمّ إبلاغهم بأن طائرات التحالف ستعمل في المنطقة التي تعرضت للهجوم . واجتمع مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية بعد أن طلبت روسيا عقد جلسة طارئة لبحث الحادث واتهمت الولايات المتحدة بتعريض اتفاق سوريا للخطر. غير أن فيتالي تشوركين، سفير روسيا لدى الامم المتحدة، انسحب من هذا الاجتماع اعتراضا منه على وصف الولايات المتحدة للاجتماع بأنه “حيلة” روسية.
وقال تشوركين: “لم يسبق لي أن رأيت .. هذا الاستبداد الأمريكي الذي نشهده اليوم”، موضحا أن نظيرته الأمريكية سامانثا باور قالت له إنها “ليست مهتمة” بما سيقوله لأن الاجتماع مجرد “حيلة”، ما دفع تشوركين إلى مغادرة الاجتماع. وأضاف السفير الروسي “هذا مصدر قلق خطير للغاية نريد أن ننقله لمجلس الأمن وهذا ما فعلناه .. اختيار الولايات المتحدة القيام بهذه الغارة الجوية في هذا الوقت تحديدا، هو أمر خطير للغاية، وفي الحقيقة مثير للشكوك”. وردّا عما إذا كان الحادث سينهي اتفاق سوريا بين موسكو وواشنطن قال سفير روسيا في الأمم المتحدة “هذه علامة استفهام كبيرة جدا”. “سأكون حريصا جدا أن أرى كيف سترد واشنطن. إذا ما فعلته السفيرة باور اليوم يمثل أي إشارة لرد فعلهم المحتمل فإننا سنكون في مشكلة خطيرة وقتئذ”.
من جهتها انتقدت سمانثا باور سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة روسيا بسبب هذه الخطوة. وقالت باور للصحفيين قبل الاجتماع “يتعين على روسيا في حقيقة الأمر التوقف عن أسلوب تسجيل النقاط الرخيصة والإبهار والإثارة والتركيز على ما يهم وهو تنفيذ شيء تفاوضنا عليه بنية صادقة معهم”. وأشارت موسكو إلى هذه الهجمات التي سمحت لمقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” بأن يجتاحوا لفترة وجيزة موقعا للجيش السوري قرب مطار دير الزور كدليل على أن الولايات المتحدة تساعد المقاتلين المتشددين. ونقلت وكالة ريا نوفوستي للأنباء عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها “إننا نصل إلى نتيجة مروعة حقا للعالم بأسره: أن البيت الأبيض يدافع عن “الدولة الإسلامية”.. الآن لا يمكن أن يكون ذلك محل شكك”.
وقالت إن الغارات تهدد بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا والذي توسطت فيه روسيا التي تساعد الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية والولايات المتحدة التي تدعم بعض جماعات المعارضة المسلحة. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرات أمريكية قتلت أكثر من 60 جنديا سوريا في أربع غارات جوية شنتها طائرتان من طراز إف-16 وطائرتان من طراز أيه-10 جاءت من اتجاه العراق. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي مقره في بريطانيا عن مصدر عسكري في مطار دير الزور قوله إن ما لا يقل عن 80 جنديا سوريا قُتلوا.