أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن عيد العرش لا يعد مناسبة لسرد الإنجازات واستعراض النجاحات بقدر ما هو مناسبة لتقييم الإصلاحات والوقوف عند النقائص.
وقال في خطاب ألقاه، أمس الخميس، بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لعيد العرش، “رغم التطور الذي حققته بلادنا، فإن ما يحز في نفسي، تلك الأوضاع الصعبة التي يعيشها بعض المواطنين في المناطق البعيدة والمعزولة، وخاصة في قمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية وفي بعض القرى في السهول والسواحل”.
وأفاد بأن المشاريع التنموية في إطار الجهوية الموسعة ستساهم في تحسين أوضاع الفئات المهمشة، مشدّدا على أن “الجهوية يجب أن تقوم على الاجتهاد في إيجاد الحلول الملائمة لكل منطقة، حسب خصوصياتها ومواردها، وفرص الشغل التي يمكن أن توفرها، والصعوبات التنموية التي تواجهها”.
وتعتبر الجهوية الموسعة أحد أهم المواضيع المطروحة في الساحة المغربية اليوم، باعتبارها إطارا فعّالا لوضع استراتيجية بديلة للتنمية على جميع المستويات، هدفها ترسيخ الديمقراطية المحلية ضمن سياسة لامركزية.
وتقوم الجهوية على أساس وجود جهات لها تقسيم إداري مستقل عن السلطة المركزية ولها اختصاصات محدّدة وموارد مالية تتيح لها إمكانية تسيير شؤونها بشكل مستقل ومسؤول.
ويؤكد خبراء أن الجهوية الموسعة من شأنها أن تقدم إضافة للمشهد السياسي المغربي وأن تعزّز الديمقراطية التشاركية شرط أن تتوفر الإرادة السياسية.
ودعا العاهل المغربي في خطاب العرش لهذه السنة، إلى ضرورة الاهتمام الجاد بمشاكل الجالية المغربية بالخارج والتعامل مع الاختلالات التي تعرفها بعض قنصليات المغرب بالحزم اللازم.
وشدد على أن الاهتمام بمواطني الداخل لا يلغي التفاته وإنصاته إلى أبناء المغرب بالخارج، بحيث أنه أثناء زياراته لمختلف دول العالم ولقائه ببعض أفراد الجالية سواء في الداخل أو الخارج وقف على انشغالاتهم الحقيقية، وتطلعاتهم المشروعة.
وأوح قائلا “كنا نعتقد أنهم يواجهون بعض الصعوبات، داخل المغرب ولكنهم يشتكون أيضا، من مجموعة من المشاكل، في تعاملهم مع البعثات القنصلية المغربية بالخارج”.
وطالب الملك أن يتم التعامل مع أفراد الجالية بالخارج بأدب واحترام، داعيا إلى تفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بإدماج ممثلي مغاربة الخارج في المؤسسات الاستشارية، وهيآت الحكامة والديمقراطية التشاركية.
وانتقد عمل بعض الدبلوماسيين قائلا “بعض القناصلة وليس الأغلبية عوض القيام بعملهم، على الوجه المطلوب، ينشغلون بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة”.
وأكد الملك أن عددا من أبناء الجالية، عبروا له عن استيائهم، من سوء المعاملة، في بعض القنصليات، ومن ضعف مستوى الخدمات، التي تقدمها لهم، سواء من حيث الجودة، أو احترام الآجال، أو بعض العراقيل الإدارية.
وشدد الملك، على إنهاء مهام كل من يثبت في حقه التقصير، أو الاستخفاف بمصالح أفراد الجالية، أو سوء معاملتهم، ومن جهة أخرى “الحرص على اختيار القناصلة الذين تتوفر فيهم شروط الكفاءة والمسؤولية، والالتزام بخدمة أبنائنا بالخارج”.
وجدد العاهل المغربي الدعوة إلى بلورة استراتيجية مندمجة تقوم على التفاعل والتنسيق بين المؤسسات الوطنية المختصة في قضايا الهجرة، وجعلها أكثر نجاعة في خدمة مصالح مغاربة الخارج.
ولم يغفل الملك عن الحديث عن الوضع الأمني المرتبك في المنطقة العربية والخطر الإرهابي الذي يهدد دول العالم، حيث أبرز أهمية انخراط المغرب في التحالفات العربية لمكافحة الإرهاب ومن أجل إعادة الشرعية لليمن، رغم الجدل القانوني المثار حول هذا التدخل وتسجيل اعتراضات ضده.
وقال في هذا الصدد “نؤكد على أهمية إيجاد حلول للأوضاع في كل من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، على أساس الحوار، وإشراك كل مكونات شعوبها، واحترام سيادتها ووحدتها الترابية وهو ما يسعى المغرب إلى تحقيقه، من خلال احتضان مفاوضات الصخيرات، لحل الأزمة الليبية”.
وتعليقا على خطاب عيد العرش، قال جمال الدين ريان رئيس حركة المغاربة الديمقراطيين المقيمين بالخارج، ورئيس مرصد التواصل والهجرة، في تصريح لـ”العرب” إن الخطاب الملكي تطرق بصراحة للمشاكل التي يعاني منها مغاربة العالم مع القناصلة والإدارة المغربية سواء بدول الإقامة أو بالوطن.
وأضاف قوله “مطلب الملك بتفعيل بنود الدستور المغربي المتعلق بمغاربة العالم هو مطلبنا لسنوات ونتمنى من الحكومة الحالية أن تقوم بدورها من خلال تحضير القوانين التنظيمية وإشراك ممثلي مغاربة العالم في إعدادها حتى تكون التشاركية في أي عمل يخدم مصالحها”.
وحول رأيه في تعامل الحكومة مع مشاكل الجالية قال محدثنا “الحكومة تتعامل ببطء وبطريقة فلكلورية وتسيير الرحلات السياحية لوزراء الجالية، الحكومة لم تستطع وضع خارطة طريق من أجل حل جذري لكل المشاكل بإشراك كل الفاعلين وما نلمسه هو قيامها فقط بإقصاء الكفاءات”، وأشار إلى ضرورة تجديد أعضاء مجلس الجالية وتعيين رئيس جديد له، مؤكدا أن “المجلس مكسب دستوري ناضلنا من أجله ولا نعرف لماذا تماطل الحكومة في إخراج القانون التنظيمي له”.