الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي
فضلا عن آثارها السياسية والامنية والانسانية المدمرة، زجت الأحداث التي تعصف بليبيا منذ أزيد من ثلاث سنوات بالبلد في أتون أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة اتخذت منحى أكثر خطورة خلال السنة التي نودعها وباتت مصدر تهديد ليس فقط لموارد الدولة جراء التراجع المستمر لأسعار النفط في الأسواق الدولية، ولكن أيضا للمدخرات من العملة الأجنبية التي تتعرض لاستنزاف حاد.
وفي ضوء المؤشرات المالية المقلقة التي ازدادت تفاقما خلال سنة 2014 لاسيما جراء إغلاق المنشآت النفطية من قبل مسلحين لنحو تسعة أشهر وتكبيد خزينة الدولة خسائر فاقت 30 مليار دولار، حذرت مؤسسات مالية دولية ومحلية من بينها صندوق النقد الدولي ومصرف ليبيا المركزي، من التمادي في تبديد احتياطيات الدولة من النقد الاجنبي لسد العجز المتوالي في الميزانية وهو الامر الذي يضع ليبيا على شفير إفلاس مالي ينضاف الى الافلاس السياسي والامني. ويعد النفق المالي الذي دخلته ليبيا خلال السنة الجارية ،برأي المراقبين، انعكاسا طبيعيا للأزمة السياسية والامنية المركبة التي شطرت البلاد بين حكومة وبرلمان منتخب في الشرق (الحكومة المؤقتة ومجلس النواب الذين يحظيان باعتراف دولي) ونظيرين لهما يبسطان سيطرتهما على العاصمة طرابلس (المؤتمر الوطني العام وحكومة الانقاذ الوطني) والذين يعتبران واجهة سياسية لعملية (فجر ليبيا) التي اطلقتها مجموعات مسلحة محسوبة على الثوار ل"تصحيح مسار الثورة" بيد انها أدخلت البلاد منعرجا شل عمل المؤسسات على كافة الأصعدة ولاسيما في المجال الاقتصادي.
ورسمت معطيات حديثة لمصرف ليبيا المركزي صورة قاتمة للوضع في بلد يشكل القطاع النفطي فيه عصب النشاط الاقتصادي والمورد الرئيسي إن لم يكن الاوحد لميزانية الدولة بأزيد من 90 بالمائة من الايرادات، حيث حذر من "انهيار المنظومة المصرفية، بعد التراجع المستمر والحاد للرصيد المالي، واحتياطيات الدولة من النقد الأجنبي، بجانب الاستنزاف الحاد لمدخرات الأجيال المقبلة ".
ووفقا للمصرف بلغ إجمالي الإيرادات العامة سنة 2013 نحو 59 مليار دينار مقابل حجم إنفاق يصل الى 70 مليار دينار، وهو ما يعني عجزا في الإنفاق بلغ نحو20 تمت تغطيته من الاحتياطيات المالية، غير أن الوضع ازداد تفاقما سنة 2014 حيث سجل إجمالي الإيرادات بها الى غاية شهر نونبر الماضي 2ر19 مليار دينار، فيما بلغ حجم الإنفاق 5ر38 مليار دينار، مما يرفع نسبة العجز إلى 50 بالمائة من القيمة الإجمالية للإنفاق.
وفي ضوء هذه المعطيات، دعا المصرف المركزي وهو من المؤسسات القليلة التي تحاول النأي بنفسها عن الصراعات المحتدمة بين الفرقاء، السلطتين التشريعية والتنفيذية الى"التكاثف والعمل سويا على مواجهة هذه المخاطر والتخفيف من حدتها" من خلال إجراءات حددها في "مواصلة محاربة الفساد والحد منه وجعل ذلك هدفا وطنيا" و"تنفيذ القانون باستخدام الرقم الوطني لدفع المرتبات والمكافآت منعا للازدواج والتكرار حفاظا على المال العام" و"حماية الحساب المجنب من الميزانية وعدم التصرف فيه إلا بقانون حفظا لحقوق الاجيال القادمة". وطالب المصرف بتنظيم الايرادات الجمركية وتحصيلها لفائدة الدولة وإعادة النظر في سياسة الدعم بكافة أنواعه من خلال خطوات علمية مدروسة قابلة للتطبيق الفوري والتقليل من الانفاق الاستهلاكي للمحافظة على الارصدة من العملة الأجنبية.