فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
الجرائد والمواقع الإلكترونية التابعة منها للأحزاب والجمعيات أو المسماة مستقلة التي تتقاسم الوفاء إما لإيديولوجية القومية العربية أو الإسلام السياسي العربي، تعشق الكتابة عن الأمازيغ ارتباطا بإحدى الكلمات الموجودة في العنوان أعلاه أو ما شابهها، لكنها بالمقابل تتجاهل كليا أي حديث عن مظهر من مظاهر تهميش الأمازيغ وممارسة العنصرية ضدهم، أو أي تجلي من تجليات القمع والإنتهاكات التي يتعرضون لها، على الرغم من أنهم يعلمون جيدا أن منظومة القيم والمبادئ التي يتبناها الأمازيغ تنفي عنهم مسبقا أي اتهامات بالكره والتقسيم والتآمر والفساد بكل أنواعه، كما نفس الأمر فيما يخص طبيعة المجتمع الأمازيغي المسلم بإعتدال التي جعلته منفتحا وحداثيا بدون فهم مغلوط للإنفتاح الذي يحاول البعض تحميله حمولة مرتبطة بنزوات الأفراد وزلاتهم الخاصة.
بل أكثر من ذلك يعلم القوميين والإسلاميين جيدا أن الأمازيغ مضطهدون وتمارس ضدهم العنصرية بأبشع صورها، تماما كما يعلم أي مجرم ما جناه بيديه في حق ضحيته، لكنهم يتجاهلون كل ذلك وغيره ويجلسون وراء مكاتبهم وهم ينقرون بأصابعهم على طاولاتها في انتظار أن تزل لسان أي شخص يسمي نفسه أمازيغيا ليستعمل إحدى المصطلحات السالفة الذكر أو غيرها من المستقاة من قاموس الجنس أو غيره، ليسارعوا للكتابة عن ما قاله بعناوين عريضة على صفحات جرائدهم الأولى وفي مقدمة أخبار مواقعهم الإكترونية، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتقصي في صفة الناشط الأمازيغي التي يصف بها البعض أنفسهم رغم أنهم لم ينتموا أبدا لأي تنظيم أمازيغي أو سجل لهم نضال أو تراكم في أي مجال مرتبط بالأمازيغية، ويتغاضون عن كون النشطاء الأمازيغ يعدون بمئات الالاف والشعب الأمازيغي بعشرات الملايين، وأن الحركة الامازيغية لا يلزمها إلا ما يصدر عن تنظيماتها من بيانات ووثائق رسمية وما هو موجود في أدبياتها.
القوميين بيسارهم الإقتصادوي المنحط ويمينهم الإسلامي المنافق هم أول من يعلم أن اتهاماتهم للأمازيغ كذب أسود، لكن يصرون عليها لأنها بالنسبة إليهم تدخل في صلب إستراتيجية تجعل من بين وسائلها شيطنة الأمازيغ بهدف تبرير مواصلة اضطهادهم وإبادة كل مقوماتهم وتعريبهم وحرمانهم من كل حقوقهم وتأبيد حكمهم من قبل أحزاب وأنظمة ديكتاتورية فاسدة بنيت على توابث العروبة وأوهام القومية العربية وفوق كل ذلك تتوسل بالدين.
أعداء الأمازيغ يعلمون جيدا أن المعركة هي على استقطاب القاعدة الواسعة من أفراد الشعب أو على الأقل إبقاؤها جاهلة تتبنى الحياد السلبي، وبالتالي فهم في كل خطواتهم وأقوالهم وأكاذيبهم لا يستهدفون إقناع أو تغليط النشطاء الأمازيغ الواعين بقضيتهم، بل هدفهم الأساسي هو مواصلة تغليط الشعب أو ما يسمونه العامة بصدد قضاياه الأساسية، وهم يعلمون جيدا تأثير الفضائح المرتبطة بالدم على العامة، وكذا استعمال الدين أو كمثال القضايا التي وصلت إلى مرتبة المأساة الإنسانية الأولى لدى الشعوب التي يحكمونها قسرا، ليس بفعل المجاعة أو كثرة القتل والتدمير، بل بفعل الآلة الإعلامية القوية للقومين العرب التي تجعل من موت فأر عربي في الخليج والشرق الأوسط قضية أساسية لنشراتها الرئيسية، بدل موت إنسان أمازيغي في شمال إفريقيا أو باقي مناطق العالم حيث لا مصالح ثقافية أو سياسية أو إيديولوجية لأنظمة العرب المتخلفة.
شيطنة الأمازيغ تتلخص في ربطهم كذبا بالعداء للدين حتى لو كانوا مسلمين أكثر من بعض الصحابة، وإلصاق تهمة العمالة للإستعمار والصهيونية بهم حتى لو قتل منهم مئات الآلاف في مقاومة الإستعمار ودفاعا عن وحدة البلاد، وتعرضوا لهجوم بشع بالأسلحة الكيماوية لا زال الأمازيغ يعانون من مختلف أنواع السرطانات بسببه، لكن شيطنة الأمازيغ وصلت إلى تحت الجحزام مؤخرا بالتركيز وتسليط الضوء أكثر مما ينبغي بكثير جدا على زلات الأفراد الذين يصفون أنفسهم بالأمازيغ قسرا أحيانا سواء أكانت حقيقية أم لا.
يجب أن ننتبه جيدا إلى أن أسلوب شيطنة الأمازيغ لم يظهر على حيز الوجود اليوم فقط، بل يتبناه القوميين منذ عقود وبالتحديد منذ الفترة التي كان فيها المقاومون الأمازيغ يحملون السلاح ويقتلون في مواجهة الإستعمارين الفرنسي والإسباني، ومن وراء ظهورهم كان القوميين والإسلاميين يقدمون التهاني للمستعمر كلما دمر قرية أمازيغية وقتل المقاومين وأبناءهم واغتصب نساءهم، ومع تلك التهنئة يردفون مطلب للمستعمر بضرورة عدم تدريس ما يسمونه باللهجات البربرية التي دعا أحدهم إلى ضرورة إماتتها.
إنهم ببساطة كانوا يرفعون شعار ضرب الكفار أي المستعمر بالفجار أي جيش التحرير والمقاومة الأمازيغيين، وما دام القوميين والإسلاميين يزايدون علينا نحن الأمازيغ بالوطنية فإننا نتساءل حقا عن عدد القتلى في صفوفهم أيام الإستعمار الفرنسي والإسباني للمغرب، حتى شهداءهم الذين يصدعون بهم رؤوسنا قتلوا في محاولات للإستيلاء على الحكم عن طريق الانقلاب في إطار إستراتيجية الثورة الاشتراكية العربية أو المد الإسلامي السني العربي.
المغرب لم يتخلص أبدا من سياسة شيطنة الأمازيغ ومواصلة اضطهادهم، خاصة بعد أن ابتلي المغاربة منذ خمسينيات القرن الماضي بحكم كمشة من العائلات القومية العروبية والإسلامية العروبية، التي تعتبر نفسها عربية أكثر من العرب وقومية أكثر من القوميين سيطرت على حكم البلاد بعد خيانة استقلاله وسيادته ومقاوميه الأمازيغ، وتواطأت مع المستعمر مقابل استقلال شكلي يحفظ مصالح المستعمر ومصالحها، ولأن هؤلاء العرب الأكثر من العرب خونة، فقد واصلوا حمل حقد دفين للمقاومة المسلحة وجيش التحرير الذين كونهما أبناء القبائل الأمازيغية على امتداد خريطة البلاد، وكل ما عملوا عليه طوال نصف قرن هو تبخيس ونفي أي دور أو وجود للأمازيغ في البلاد عبر العصور وإبادة كل مقوماتهم، وبالتالي من الطبيعي أن يتصرفوا مع الحركة الأمازيغية اليوم كما كانوا يتصرفون مع المقاومة المسلحة وجيش التحرير بالأمس.