ودعا ابو بكر البغدادي، او “الخليفة ابراهيم” بحسب ما يطلق عليه انصار تنظيمه، المسلمين الى طاعته في خطبة الجمعة بالمسجد الكبير في الموصل (350 كلم شمال بغداد)، في ظهور مفاجئ يخرج هذا الزعيم الجهادي من الظل الذي عاش فيه لسنوات.
وتمثل هذه الخطوة حلقة جديدة في مسلسل التحركات التي تهدف الى اعادة صياغة صورة تنظيم “الدولة الاسلامية” وتقديمه بشكل مباشر اكثر الى العلن خصوصا بعيد سيطرة التنظيم على مناطق واسعة من شمال غرب وشرق العراق في هجوم كاسح قبل اكثر من ثلاثة اسابيع.
وقال تشارلز ليستر الباحث في مركز “بروكنيغز” في الدوحة لوكالة فرانس برس “احد اكثر الرجال المطلوبين في العالم استطاع ببساطة السفر الى مركز الموصل ليخطب لمدة نصف ساعة في اكثر المساجد ازدحاما، في اكبر المدن الخاضعة لسيطرة لجماعة جهادية”.
واضاف ان “حقيقة ان البغدادي قد ظهر علنا في مثل هذا الموقع المركزي يعكس مدى الثقة التي تتمتع بها منظمته”.
وارتدى البغدادي صاحب اللحية الرمادية الطويلة وهو يخطب بالمصلين في صلاة الجمعة عباءة سوداء، ووضع على راسه عمامة سوداء ايضا.
وعرف النص الذي ارفق مع التسجيل المصور الرجل ب”الخليفة ابراهيم”، وهو اللقب الذي اطلق على البغدادي بعدما قررت جماعته في 29 يونيو اعلان “الخلافة الاسلامية”، وهي نظام حكم انتهى في العهد العثماني يجمع بين الدين والسياسة.
ويمثل هذا الظهور العلني الاول لرجل تطارده عدة دول اقليمية ودولية تحولا جوهريا في القيادة تحت اشراف البغدادي الذي بدا وكانه يسعى الى التعريف بنفسه بعدما تساءل العديد من المناصرين للجهاديين حول كيفية مبايعة رجل لم يروه من قبل.
وعندما تولى البغدادي قيادة هذا التنظيم، كانت “الدولة الاسلامية” جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة ومعروفة باسم “الدولة الاسلامية في العراق”، وكان ينازع في مواجهة القوات الامريكية في العراق والميليشيات الشيعية وقوات الصحوة السنية والقوات الحكومية.
ولكن التنظيم تمكن ببطء من اعادة بناء مصادره، وهيكلية قيادته، مستندا بذلك الى الفوضى التي تسبب بها النزاع في سوريا المجاورة والانسحاب الامريكي من العراق نهاية 2011.
وانفصل البغدادي في وقت لاحق عن تنظيم القاعدة وبدأ نفوذه ينافس نفوذ الزعيم العالمي للتنظيم الام، ايمن الظواهري.
وتعرف جماعة البغدادي في العراق وسوريا على حد سواء بوحشيتها، حيث قامت باعدام وصلب معارضيها في سوريا ونفذت سلسلة من التفجيرات الدموية في العراق التي استهدفت الاسواق والمقاهي وغيرها من الاماكن العامة والخاصة قتل فيها الالاف.
وقال ويل مكانتس المستشار السابق لمكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الامريكية “كل شيء في هذا التنظيم لطالما عكس الجرأة التي يتحلى بها، لذا فانه من المنطقي ان يخرج البغدادي من الظل”.
واضاف مكانتس ان “خطبة البغدادي لا تعني شيئا من المنظور الامني، لكنها تعني في الوقت ذاته الكثير في سياق التنافس مع تنظيم القاعدة حول قيادة الجهاد العالمي”.
وجذبت جماعة البغدادي التي اسسها ابو مصعب الزرقاوي، احد اشهر قادة التنظيمات الجهادية في العالم، الاف المقاتلين الاجانب، بينهم عدد كبير من البلدان الغربية، خصوصا لاجل البغدادي نفسه الذي قضى فترة في سجون الجيش الامريكي في العراق.
وسعى التنظيم لجذب المقاتلين من غير العرب عبر اصدار تسجيلات ومجلات في اللغة الانكليزية، بالاضافة الى لغات اجنبية اخرى.
وقال احمد علي الذي يعمل باحثا في “معهد دراسات الحرب” ان “هذا الفيديو سيشمل على الارجح في المستقبل اشرطة تدعو للتجنيد”.
واضاف “سعى البغدادي لفترة طويلة لتنصيب نفسه زعيما للجهاد العالمي لمنافسة الظواهري وباقي الشخصيات في البنية المركزية لتنظيم القاعدة”، معتبرا ان “السيطرة على الموصل والمناطق الاخرى في العراق تمثل فترة مثالية له لتنصيب نفسه في منصب الزعيم الجهادي الرئيسي”. وتابع “الظهور العلني مهم للخليفة”.