الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي
نظمت جمعية القصر الكبير للثقافة والتنمية لقاءا علميا حول الإصدار الجديد “فرنسا وحرب الريف 1921-1926” للأستاذ الدكتور “محمد خرشيش” زوال يوم السبت 14 دجنبر 2013 بدار الثقافة بالقصر الكبير،بمشاركة الأساتذة الباحثين، الدكتور مصطفى الغاشي والدكتور محمد عبد الواحد العسري والأستاذ الباحث عزيز الحساني.
وأدار فقرات الجلسة الأستاذ الباحث في التاريخ المعاصر “سعيد حاجي” الذي أكد في البداية على أهمية موضوع حرب الريف الذي يستمد رهنيته من النقاشات المستمرة التي تثيرها المعطيات الجديدة حول هذه المرحلة البارزة من تاريخ المغرب المعاصر، خصوصا وأن جوانب كثيرة من هذه الحرب لازالت تخضع للبحث والتمحيص من طرف الباحثين، ومن جهة أخرى فإن تداعيات حرب الريف لازالت مستمرة إلى اليوم خصوصا فيما يتعلق بالأسلحة المستعملة فيها وطبيعة تدخل مختلف الأطراف المشاركة، وهو ما يجعل للإصدار الجديد قيمة علمية متميزة كوثيقة تاريخية تميط اللثام عن مجموعة من المعطيات المرتبطة بحرب الريف.
وكانت المداخلة الأولى من طرف الأستاذ الدكتور “محمد عبد الواحد العسري” الذي أكد على أن مؤلف “فرنسا وحرب الريف ” للدكتور محمد خرشيش، يعد من أبرز الأبحاث التاريخية والدراسات الأكاديمية التي عالجت حرب الريف التحريرية التي قادها الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي، وخاصة مسألة حضور الجانب الفرنسي في الحرب المذكورة.
كما قدم الأستاذ العسري المؤلف المحتفى به والذي صدر ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، خلال شهر يونيو 2013، ويقع الكتاب في425 صفحة من الحجم المتوسط، والكتاب من تقديم المؤرخ الفرنسي الشهير دانييال ريفي.
وتحدث أيضا عن المادة المصدرية التي اعتمد عليها المؤلف مذكرا بأن الكتاب يفتح آفاقا جديدة للبحث، ومعتبرا أن الأستاذ خرشيش لم يقم بسرد كرونولوجي للأحداث فقط وإنما قام بتحليل بنيوي عميق جعل الكتاب ذو قيمة مضافة فيما يتعلق بحرب الريف.
أما مداخلة الدكتور “مصطفى الغاشي” فقد انصبت بالأساس على تقديم قراءة نقدية للمؤلف حيث أشار الأستاذ أن مؤلف “فرنسا وحرب الريف” لمؤلفه محمد خرشيش، يعتبر دعامة قوية للمكتبة الجامعية المغربية، ذلك انه بالرغم من كل الجدل الذي رافق ويرافق قضية محمد بن عبد الكريم الخطابي سياسيا وإعلاميا، فإن رفوف المكتبات تشكو نقصا فظيعا من مثل مستوي هذا المؤلف .
وأكد أيضا أن المطلع على الكتاب سوف يلاحظ المجهود العلمي الكبير الذي بدله الأستاذ محمد خرشيش لانجاز هذا العمل الذي يناقش موضوعا في غاية الأهمية التاريخية والسياسية والإعلامية ولما لا الاجتماعية بحكم ارتباط القائد عبد الكريم الخطابي بسكان منطقة الريف وشمال المغرب والولاء الذي لا زال الريفيون يعلنونه لزعيمهم عبد الكريم الخطابي، كما انه يكتسي راهنية خاصة بحكم العلاقة الجدلية والعضوية التي تربطه بالراهن السياسي للمغرب المعاصر وبمنطقة الريف والمسالة الحقوقية وحتى الأمازيغية.
ويضيف د. الغاشي: لقد اختار أستاذ خرشيش تناول هذا الموضوع لتسليط الضوء على شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي والمقاومة الريفية والوقوف بكل موضوعية على عناصر القوة وعناصر الضعف وتفاعلاتهما في ثورة الخطابي، وقد اعتمد الباحث خرشيش في انجاز هذا العمل على كم هائل من الوثائق الفرنسية هي عبارة عن محافظ تضم مراسلات رسمية. ولإنجاز هذا الموضوع كان على الأستاذ خرشيش أن ينقب في الأرشيفات الأوروبية خاصة الفرنسية، وهو الأمر ليس بالهين خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار خصوصية الموضوع وطابع السرية التي تضفى على الوثائق المرتبطة به، فقد شكلت هذه المسألة قناعة ووعي للباحث الذي كان يستحضر في ذهنه ما تتوفر عليه الأرشيفات الفرنسية للوثائق لدراسة موضوعية هذه الفترة من تاريخ المغرب المعاصر.
لقد اختار الأستاذ خرشيش تناول هذا الموضوع بعيدا عن الطوباوية و الأسطورة والإغراق في الانفعالية والاستغلال السياسوي لقضية الأمير عبد الكريم. إن المسالة بالنسبة إليه تسليط الضوء على شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي وقضية المقاومة الريفية ، للوقوف بكل موضوعية على عناصر القوة وعناصر الضعف وتفاعلاتهما في ثورة محمد بن عبد الكريم .
أما المداخلة الثالثة فقد قدم فيها الأستاذ الباحث “عزيز الحساني” عرضا حول حضور الحرب الريفية في الكتابات المعاصرة حيث أشار في معرض مداخلته أن منطقة شمال المغرب عرفت حركة تأليفية مهمة ورائدة، حيث شهدت المنطقة وفرة في الانتاجات العلمية، والكتابات التاريخية على وجه الخصوص، قادها مجموعة من المؤرخين والمؤلفين، كمحمد داود، واحمد الرهوني، والتهامي الوزاني، ومحمد سكيرج، ومحمد ابن عزوز حكيم، وغيرهم..
وأضاف ذ: الحساني، أنه انطلاقا من التتبع الدقيق للمضامين والمعلومات الواردة بالكتابات التاريخية بشمال المغرب، حول أحداث ووقائع المقاومة الريفية، وخاصة ما جاء في كتابات ومؤلفات أحمد سكيرج، والتهامي الوزاني، والعربي اللوه، ومحمد ابن عزوز حكيم وغيرهم، فان ذلك يجعلنا نقف على مجموعة من الخلاصات والاستنتاجات منها..
وأشار على أن اهتمام الكتابات التاريخية بشمال المغرب، بقضايا وأحداث الحرب الريفية كان سطحيا في الغالب، وانصب بالخصوص على تسجيل المعارك والمواجهات العسكرية التي جمعت ابن عبد الكريم بالقوات الاسبانية والفرنسية طوال الفترة مابين 1921 و1926، واهتمت المصادر المذكورة بإحصاء القتلى من الجانيين وخاصة من الطرف الاسباني، حيث لم يهتم المؤرخون والمؤلفون بشمال المغرب بجوانب مهمة من المقاومة الريفية كالتنظيمات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي أحدثها الزعيم الريفي بالمنطقة أثناء فترة المقاومة المسلحة ضد الاسبان والفرنسيين.
وبعد الانتهاء الأستاذة الباحثين من مداخلتهم فتح المجال أمام الحضور الكرام لطرح مداخلاتهم وأسئلتهم، والتي ركزت في غالبيتها على القيمة العلمية للكتاب، كما تم طرح مجموعة من الإشكالات التي يطرحها الموضوع.
وبعد فتح باب المداخلات أمام الحاضرين تناول الكلمة الدكتور “محمد خرشيش” ليجيب عن تساؤلات واستفسارات الضيوف الكرام والحاضرين وأكد في مداخلته على مجموعة من الجوانب المهمة، خاصة دواعي تأليفه للكتاب الذي كان في الأصل أطروحة جامعية نوقشت بفرنسا والصعوبات العديدة التي واجهها أتناء اشتغاله على موضوع الحرب الريف خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي.
وكشف الأستاذ خرشيش أن هذا الموضوع أتاح له الوقوف عند أهم عناصر قوة هذه المقاومة في علاقة مع نظيرتها المغربية سواء التي سبقتها أو التي أتت بعدها إلى حدود 1934 في مختلف أنحاء المغرب.
كما تناول قضايا عديدة كمسألة التنظيمات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي أحدثها الزعيم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بالمنطقة أثناء فترة المقاومة المسلحة ضد الاسبان والفرنسيين. إضافة إلى إبراز العلاقات السياسية التي جمعت ابن عبد الكريم بسلطان المغرب. والتأكيد على طبيعة الأسلوب الحربي الذي اتبعه الزعيم الريفي في مقاومته للقوات العسكرية الاسبانية والفرنسية ونجاعته.
وأشار أيضا انه لم يتوقف كباحث عن الحديث عن حركة المقاومة بايجابياتها ولكن كذلك على سلبياتها مثل أسباب الفشل والتي ترجع بالاساس إلى أسباب خارجية معروفة كالتحالف الفرنسي الاسباني،…إضافة الى أسباب داخلية التي حاول مقاربتها من اجل تقديم بحث موضوعي أكاديمي.