بقلم: لحسن أمقران – تنجداد.
تشير الاحصائيات الرسمية الى أن حوادث السير تكلفنا أكثرمن أربعة آلاف قتيل سنويا، رقم مهول من الضحايا لا نجد له مثيلا ولو تعلق الأمر بحرب “فعلية” كالتي تعيشها أفغانستان، وضع لم تجد معه الدولة المغربية بديلا عن استنفار مصالحها بكل تلاوينها للحد من هذا النزيف الدموي عبر وصلات في الاعلام، وحملات ميدانية لفائدة الساكنة والناشئة على وجه الخصوص. كلها اذا خطوات محمودة وضرورية في ظل استمرار مآسي الطرق التي لا تنتهي، الا أنه يتعين النظر الى هذا المشكل بنظرة شمولية ومن زوايا متعددة قصد احاطة أوسع بكل حيثياته، وبالتالي رصد حقيقي لأسبابه.
كنقطة أولى، تجدر الاشارة الى أن التربية الطرقية يجب الا نربطها باليوم الوطني للسلامة الطرقية، فمن المفروض أن تكون هناك حملات دورية ومنتظمة على صعيد المؤسسات التربوية ووسائل الاعلام والجمعيات بل وفي الشارع العام، بدل الاقتصار على هذا اليوم الذي تنتهي بنهايته كل الأنشطة في هذا الباب، في انتظار سنة أخرى أو فاجعة أخرى.ان الجهات الوصية على السلامة الطرقية مدعوة أكثر من أي وقت مضى لاعداد برنامج عمل سنوي مكثف وغني وفق مقاربة تشاركية مع باقي الفرقاء بشكل يضمن التواصل المستمر مع وبين مستعملي الطريق.
في النقطة الثانية، كثيرا ما نتناسى دور المراقبة والزجر في اصلاح وتقويم بعض السلوكات، هذه النقطة بدورها تشمل شقين، الأول يتعلق برجال الدرك والشرطة، حيث أن المخالفات غالبا ما تخضع لمنطق “التفاهم” بين السائق والمراقب على الطريق، وقد زاد الرفع من قيمة المكوس على المخالفات من الحاحية هذا “التفاهم” حيث يفضل السائق دفع مبلغ معين مقابل غض الطرف عن المخالفة وبالتالي توفير مبلغ “مهم” من المال. في الشق الثاني، سنعرج على مراكز مراقبة الحالة الميكانيكية للعربات، فمراقبة حالة العربة تأتي في الخطوة الثانية بأغلب هذه المراكز بعد قياس “سخاء” صاحب العربة من دونه، وضع يمكن معه الحصول على شهادة المراقبة التقنية وسلامة العربة مقابل مبالغ مالية معروفة. باختصار، ان سرطان الرشوة في هذه المعضلة متقدم ويفعل فعلته بشكل واضح بينما يواجه بالصمت والتجاهل.
كنقطة ثالثة، وجبت الاشارة الى أن اهتراء البنية التحتية خاصة خارج المدارات الحضرية للمدن الكبرى، ولا أدل على ذلك بعض الفجاج التي يرتعد السائقون لمجرد سماع اسمها، من منا لا يذكر مأساة “تيزي ن تيشكا” التي أودت بحياة أربعين مواطنا في ثوان؟؟؟ ان السلطات الحكومية مدعوة الى انصاف بعض الجهات فيما يخص الشبكة الطرقية من خلال أشغال البناء أو الاصلاح أو التوسعة، فتطبيق المدونة الجديدة تم دون الاخذ بعين الاعتبار ضرورة توفير بنية تحتية تضاهي البنية التحتية للبلد الذي أخذت عنه المدونة.
كنقطة أخيرة، وجب التنبيه الى الارهاق الذي يتعرض اليه بعض السائقين خاصة أن استمرارية عملهم مرهونة بمدى الارباح التي يحققونها لمالكي الحافلات والشاحنات، زد على ذلك ظروف عملهم المزرية والتي تستوجب وقفة تأمل ترد الاعتبار لهذه الفئة من المأجورين الذين يعانون في صمت.
هكذا اذا تستمر الطريق في حصد أروا ح بريئة، لتزيد من بؤس وفقر اسر بكاملها، هكذا اذا يتضاعف عدد المعاقين في المجتمع، كل ذلك نتيجة تهور البعض، أو لحظة سهو من البعض الآخر من مستعملي الطريق. نعود لنقول أن التربية الطرقية لا تقل أهمية عن باقي أشكال التربية، لنقول أن المراقبة يجب أن تخضع لمنطق الصرامة والموضوعية والنزاهة واستحضار الضمير المهني، لنقول أن تأهيل وتهيئة البنية التحتية أمر غير قابل للتأجيل. كلها مداخل لا بد من أنها ستخفف على الأقل من الضحايا والخسائر.