قطاع التبغ بالمغرب: لا وجود لتحرير حقيقي دون تعديل القانون 46-02 والحذف النهائي للسعر الأدنى

عملية حجز تبغ مهرب

مشروع القانون المالي للعام 2013 ينص على إحداث إصلاح في نظام تضريب التبغ المصنع. يتعلق الأمر بمقاربة مندمجة لا تقترح حلولا قانونية نهائية للاحتكار ووضعية الريع التي تميز القطاع، وهي المقاربة التي تزيل كل المعيقات التي تحد من المنافسة الحرة والشريفة المشكلة لأساس كل جاذبية اقتصادية. ولذلك فإن الإصلاح الذي أتى به مشروع القانون المالي في هذا المجال ومشروع تعديل القانون 46/02  يسيران جنبا إلى جنب.

حذف التضريب حسب القيمة وإكراهات السعر الأدنى الذي يخضع له الفاعلين الجدد، لا يمكن تجاوزهما دون إصدار نص قانوني يعزز المكتسبات الضريبية ويحد من الممارسات التمييزية، وهو ما سيسمح بالتالي بفتح قطاع التبغ المصنع المغربي على منافسة حقيقية. فالقانون رقم 46/02 المعمول به حاليا والصادر بتاريخ 24 مارس 2003 والمتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع، لا يمكن من بلوغ هذه المنافسة الحرة، كما أنه لا يشجع على الاستثمار داخل القطاع، على النحو المنشود من قبل المسؤولين. وعلى ضوء الدستور الجديد، فإن هذا القانون يشكل خرقا واضحا لمواد هذا الأخير، مادام أنه يتنافى مع مبادئ المنافسة الشريفة والقانونية التي يريدها المشرع. وعلاوة على ذلك، لا أحد يستطيع أن ينكر عدم مطابقة هذا القانون لمجموع الاتفاقيات التجارية الدولية التي صادقت عليها المملكة، وهو ما يحتم على هذه الأخيرة احترامها لكي لا تفقد مصداقية مؤسساتها.

في إطار مسار حقيقي لتحرير قطاع التبغ بالمغرب، فإن مشروع قانون لتعديل القانون رقم 46/02 المتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع، يوجد حاليا لدى الدائرة التشريعية. هذا القانون يقترح حذف إجبارية السعر الأدنى التي تطبق على العلامات الجديدة في قطاع التبغ المصنع التي يتم إدخالها إلى السوق، وهكذا يمكن أن نقرأ “أسعار بيع منتوجات التبغ المصنع للعموم يتم تحديدها بشكل حر من طرف المصنعين أو الموزعين بالجملة المصرح بهم أو المسموح لهم على التوالي”، وذلك تماشيا مع نصوص “هذا القانون”. نص مشروع القانون يقترح أيضا منع بيع منتوجات التبغ غير المصادق عليها من طرف الإدارة المخول لها ذلك، “سعر البيع للعموم لا يمكن أن يكون أقل من مجموع العائد عن الاستثمار لمجموع الضرائب المحتسبة والهوامش الربحية”. كما أن سعر منتوج التبغ المصنع من نفس “الصنف وبعلامة متطابقة أو مشابهة لعلامة منتوج متواجد بالسوق ولنفس المنتج، لا يمكن أن يكون أقل من سعر البيع  للعموم المصادق عليه والمعمول به”. هناك منع آخر أيضا، إذ أن نص القانون يمنع كليا بيع العلب التي تحتوي على أقل من 20 سيجارة داخل كل التراب الوطني، وهي مبادرة جيدة تهدف إلى حماية فئة الشباب من خطر التدخين وآثاره على الصحة العمومية.

الحكومة المغربية مستعدة قبل أي وقت مضى لوضع حد لكل وضعية ريع أو وضعية هيمنة واحتكار، إنها تبدي اهتماما كبيرا باحترام مجموع الاتفاقيات الموقعة مع شركائها الدوليين، وهذا الوضع سيشكل بلا شك ضمانة للمصداقية وإشارة قوية لطمأنة المستثمرين الباحثين عن فضاءات يميزها الاستقرار، وتمثل بالتالي مكانا آمنا للاستثمار في هذه الفترة من عدم الاستقرار التي يشهدها العالم.

يعد تعديل القانون 46/02 ضروريا لوضع تشريع يلائم المناخ الوطني والدولي للتجارة، إذ أن مقترح الإصلاح الضريبي، الذي يبقى موضوع مشاورات على مستوى الغرفة الثانية بالبرلمان، يأتي بالأساس لحماية والحفاظ على الموارد الضريبية للدولة، لكنه لا يمكن في أي حال من الأحوال من إقرار وضعية قارة للمنافسة الحرة والتجارة العادلة، فمشروع القانون يأتي لتعديل القانون 46/02 حيث تؤكد مذكرته التقديمية على أن “السعر الأدنى على العلامات الجديدة للفاعلين بقطاع التبغ المصنع، يعد عائقا يساهم في تغيير شروط المنافسة الشريفة بين الفاعلين، كما أنه يمثل تمييزا لصالح الفاعل التاريخي”. ويهدف مشروع القانون هذا، حسب ما أدركنا ومن خلال العديد من النقط المهمة، إلى وضع حد لجميع المعيقات التي تقف في وجه تحرير حقيقي للقطاع، كما سيساهم في تحصين القطاع ضد التهريب والسوق السوداء المقدر بأزيد من 3 مليارات درهم.

Read Previous

الإعلامية بثينة كامل تصف الرئيس مرسي بــ “هتلر”

Read Next

العدل والإحسان: نهاية عهد الشيخ وبداية عهد المريدين