خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله
في أول حوار له مع صحفي أجنبي منذ بداية الثورة قبل سبعة شهور، صرّح الرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة “صنداي تلغراف” أن التدخل ضد النظام السوري من شأنه أن يتسبب في ظهور “أفغانستان جديدة”.
“لا شك أن الدول الغربية ستزيد من حدّة الضغط” يقول الرئيس السوري، الذي يؤكد أن “سوريا تختلف بشكل كبير عن مصر وتونس واليمن”، فالتاريخ والسياسة السوريين مختلفان “إن سوريا الآن هي قلب المنطقة، فهي الأساس، وفي حال لعبتم بالأساس فإنكم ستتسببون، لا محالة، في حدوث زلزال. هل تريدون أن تشهدوا أفغانستان جديدة أو العديد منها؟ إن أي مشكل بسوريا سوف يحرق المنطقة برمتها، وإذا ما كان المخطط هو تقسيم سوريا، فإن ذلك يعني تقسيم المنطقة بأكملها”.
يوم الجمعة الماضي، خرج الآلاف بمدينتين سوريتين يطالبون بفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا على شاكلة الحظر الذي فرض على ليبيا. وحسب هيئة الأمم المتحدة، فقد توفي على الأقل 3 آلاف مدني بينهم 187 طفلا خلال المظاهرات المعارضة للنظام، وسجن الآلاف، في حين تقول الحكومة السورية إن 1200 رجل أمن ماتوا بدورهم خلال هذه المظاهرات.
واعترف الرئيس السوري أنه قد تم ارتكاب “العديد من الأخطاء” من طرف قواته خلال بداية المظاهرات، غير أنه يستدرك ذلك ويؤكد أنه يتم استهداف “الإرهابيين” دون غيرهم ” نحن لا نتوفر على أعداد كبيرة من رجال الشرطة، لدينا فقط الجيش الذي تدرب على التصدي لتنظيم القاعدة، وإذا ما أرسلت الجيش للشوارع فسيقع نفس ما نعيشه اليوم، نحن الآن لا نحارب سوى الإرهابيين، لذا سوف تجدون أن وتيرة الاقتتال في انخفاض”.
وتزعم مجموعات المعارضة أنه تم قتل 40 سوريا فقط يوم الجمعة الماضي، وأن الجيش السوري قد قصف بالقنابل مقاطعة في مدينة حمص، معقل المعارضة، كما تم تسجيل وفاة 17 جنديا خلال مواجهات مع هاربين من سلك الجندية بنفس المدينة، التي لا يسمح للصحفيين الأجانب بدخولها. هذا وقد أعربت الجامعة العربية عن “امتعاضها لاستمرار عمليات قتل المدنيين”.
على الساحة، يبدو أن عدد المتظاهرين قد انخفض بداية الشهر الجاري، لكنه ما لبث أن ارتفع مرة أخرى بعد موت القذافي الذي ضخ دماء جديدة في عروق المعارضة، حيث عاش الجنوب السوري على إيقاع إضراب شل الحركة بهذا الجزء من التراب السوري.
ويُصر الرئيس السوري أنه تجاوب مع الربيع العربي بشكل مختلف عن الرؤساء العرب الآخرين “نحن لم نلعب ورقة الحكومة العنيدة، فبعد ستة أيام فقط من اندلاع المظاهرات، شرعت في وضع بعض الإصلاحات، التي توجس منها الشعب واعتبرها حقنة مخدرة، لكن حين أعلنت عن هذه الإصلاحات، انقلبت الآية وبدأ الشعب يدعم الحكومة”.
إلا أن بعض المعارضين في دمشق يؤكدون أن الإصلاحات، التي تتضمن قانونا يسمح بتنظيم المظاهرات والأحزاب السياسية، هي بداية لكنها غير كافية، حيث يؤكد هؤلاء المعارضون أنها(الإصلاحات) دون معنى، وأنه يجب على الأسد الرحيل. يقول قدري جميل، معارض سوري” مشكل الحكومة السورية هي أن حوارها سطحي ، كما أنه ليس سوى فرصة لربح الوقت. يجب عليهم التحرك للشروع في حوار حقيقي لأن الحلول الأمنية باءت بالفشل، ولم يتبق لدينا سوى شهر أو شهرين لننتقل إلى نقطة اللارجوع.
يقول أحد النشطاء السوريين “إن قتل المواطنين ليس دليلا على الإصلاح، نحن لا نطالب بإصلاحات اقتصادية أو حتى سياسية في ظل حكم الأسد، بل نطالب برحيل هذا الرئيس السفاك للدماء وبإجراء انتخابات حرة”.
أما الرئيس السوري بشار الأسد فيقول “إن وتيرة الإصلاحات ليست جد بطيئة، غير أنه يجب أن تكون الرؤيا ناضجة، لأن التوقيع على قانون لا يستغرق سوى 15 ثانية، لكن إذا لم يناسب هذا القانون مجتمعك، سوف يكون هناك انقسام…مع العلم أن المجتمع السوري جد معقد”. ويصوّر الرئيس السوري المظاهرات على أنها “معركة بين الإسلاميين والعلمانيين” مضيفا ” نحن نحارب جماعة الإخوان المسلمين منذ الخمسينيات، ولا زلنا نحاربهم لغاية الآن”.
وخلال بعض الحوارات الصحفية بالعاصمة السورية دمشق، صرّح أعضاء حكوميون وعلمانيون وبعض المنتسبين للأقليات المسيحية والعلوية أنهم دعموا الحكومة السورية مخافة ضياع مناصبهم في حال تم تعيين حكومة جديدة، إلا أنه لا يبدو أن العديد ممن يحضرون المظاهرات التي تدعم النظام مجبرون على ذلك، حسب ما ذكرته بعض التقارير المستقلة.
غير أن الحوارات التي أجريت مع بعض صناع القرار تكشف، بشكل واسع، عن عدم الرضا على مظاهر الفساد وعلى مستوى عيش الشعب السوري.
ترجمة نبيل الصديقي
صحيفة The Telegraph